إلى نص فمذهب مالك والشافعي أظهر دليلا والله تعالى أعلم.
ومذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله أن كل ما يعيش في البر لا يؤكل البحري منه أصلا؛ لأنه مستخبث. وأما ما لا يعيش إلا في البحر وهو الحوت بأنواعه فميتته عنده حلال إلا إذا مات حتف أنفه في البحر وطفا على وجه الماء فإنه يكره أكله عنده فما قتله إنسان أو حسر عنه البحر فمات حلال عنده بخلاف الطافي على وجه الماء.
وحجته فيما يعيش في البر منه: أنه مستخبث والله تعالى يقول: * (ويحرم عليهم الخبائث) * وحجته في كراهة السمك الطافي ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا يحيى بن سليم الطائفي حدثنا إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ألقي البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه. اه.
قال أبو داود: روى هذا الحديث سفيان الثوري وأيوب وحماد عن أبي الزبير أوقفوه على جابر.
وقد أسند هذا الحديث أيضا من وجه ضعيف عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم. اه.
وأجاب الجمهور عن الاحتجاج الأول بأن ألفاظ النصوص عامة في ميتة البحر وأن تخصيص النص العام لا بد له من دليل من كتاب أو سنة يدل على التخصيص كما تقدم.
ومطلق ادعاء أنه خبيث لا يرد به عموم الأدلة الصريحة في عموم ميتة البحر وعن الاحتجاج الثاني بتضعيف حديث جابر المذكور.
قال النووي في شرح المهذب ما نصه: وأما الجواب عن حديث جابر الذي احتج به الأولون فهو أنه حديث ضعيف باتفاق الحفاظ لا يجوز الاحتجاج به لو لم يعارضه شئ فكيف وهو معارض بما ذكرناه من دلائل الكتاب والسنة وأقاويل الصحابة رضي الله عنهم المنتشرة؟.
وهذا الحديث من رواية يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن جابر.
قال البيهقي: يحيى بن سليم الطائفي كثير الوهم سيىء الحفظ. قال: وقد رواه