أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٤٤
ذرية إبراهيم ظالمين. وقد صرح تعالى في مواضع أخر بأن منهم ظالما وغير ظالم. كقوله: * (ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين) * وقوله: * (وجعلها كلمة باقية في عقبه الآية قوله تعالى) *. * (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ذكر في هذه الآية رفع إبراهيم وإسماعيل لقواعد البيت. وبين في سورة الحج أنه أراه موضعه بقوله: * (وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت) * أي: عينا له محله وعرفناه به. قيل: دله عليه بمزنة كان ظلها قدر مساحته وقيل: دله عليه بريح تسمى الخجوج كنست عنه حتى ظهر أسمه القديم فبنى عليه إبراهيم وإسماعيل عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام. * (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنآ أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينآ إنك أنت التواب الرحيم * ربنا أبعث فيهم رسولا منهم لم يبين هنا من هذه الأمة التي أجاب الله بها دعاء نبيه إبراهيم وإسماعيل ولم يبين هنا أيضا هذا الرسول المسؤول بعثه فيهم من هو؟ ولكنه يبين في سورة الجمعة أن تلك الأمة العرب والرسول هو سيد الرسل محمد صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله: * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم * يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) *؛ لأن الأميين العرب بالإجماع. والرسول المذكور نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إجماعا. ولم يبعث رسول من ذرية إبراهيم وإسماعيل إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وحده.
وثبت في الصحيح أنه هو الرسول الذي دعا به إبراهيم ولا ينافي ذلك عموم رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الأسود والأحمر. * (ومن يرغب عن ملة إبراهيم الآية لم يبين هنا ما ملة إبراهيم وبينها بقوله: * (قل إنني هداني ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) * فصرح في هذه الآية بأنها دين الإسلام الذي بعث الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم. وكذا في قوله: * (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم) *. * (الآية ا قوله تعالى إن الله اصطفى لكم الدين أشار إلى أنه دين الإسلام هنا بقوله: * (فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * وصرح بذلك في قوله: * (إن الدين عند الله الإسلام) *
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»