وإنما سمي صعيدا لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض وجمع الصعيد صعدات على غير قياس ومنه حديث إياكم والجلوس في الصعدات قاله القرطبي وغيره عنه. واختلف العلماء فيه من أجل تقييده بالطيب فقالت طائفة: الطيب هو الطاهر فيجوز التيمم بوجه الأرض كله ترابا كان أو رملا أو حجارة أو معدنا أو سبخة إذا كان ذلك طاهرا. وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة والثوري وغيرهم.
وقالت طائفة: الطيب: الحلال فلا يجوز التيمم بتراب مغصوب. وقال الشافعي وأبو يوسف: الصعيد الطيب التراب المنبت بدليل قوله تعالى: * (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) * (الأعراف: 85) الآية.
فإذا علمت هذا فاعلم أن المسألة لها واسطة وطرفان: طرف أجمع جميع المسلمين على جواز التيمم به وهو التراب المنبت الطاهر الذي هو غير منقول ولا مغصوب. وطرف أجمع جميع المسلمين على منع التيمم به وهو الذهب والفضة الخالصان والياقوت والزمرد والأطعمة كالخبز واللحم وغيرهما والنجاسات وغير هذا هو الواسطة التي اختلف فيها العلماء فمن ذلك المعادن.
فبعضهم يجيز التيمم عليها كمالك وبعضهم يمنعه كالشافعي ومن ذلك الحشيش فقد روى ابن خويز منداد عن مالك أنه يجيز التيمم على الحشيش إذا كان دون الأرض ومشهور مذهب مالك المنع ومن ذلك التيمم على الثلج فروي عن مالك في (المدونة) والمبسوط جوازه: قيل: مطلقا. وقيل: عند عدم الصعيد وفي غيرهما منعه.
واختلف عنه في التيمم على العود فالجمهور على المنع وفي (مختصر الوقار) أنه جائز وقيل: يجوز في العود المتصل بالأرض دون المنفصل عنها وذكر الثعلبي أن مالكا قال: لو ضرب بيده على شجرة ثم مسح بها أجزأه قال: وقال الأوزاعي والثوري: يجوز بالأرض وكل ما عليها من الشجر والحجر والمدر وغيرها حتى قالا: لو ضرب بيده على الجمد والثلج أجزأه.
وذكر الثعلبي عن أبي حنيفة أنه يجيزه بالكحل والزرنيخ والنورة والجص والجوهر المسحوق ويمنعه بسحالة الذهب والفضة والنحاس والرصاص لأن