أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٧٣
منصور عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فرسخا يقصر الصلاة وسكت عليه فإن كان صحيحا فهو ظاهر في قصر الصلاة في المسافة القصيرة ظهورا أقوى من دلالة حديثي مسلم المتقدمين.
قال مقيده عفا الله عنه: هذا الذي ذكرنا هو حاصل كلام العلماء في تحديد مسافة القصر والظاهر أنه ليس في تحديدها نص صريح وقد اختلف فيها على نحو من عشرين قولا وما رواه البيهقي والدارقطني والطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد ضعيف؛ لأن في إسناده عبد الوهاب بن مجاهد وهو متروك وكذبه الثوري.
وقال الأزدي: لا تحل الرواية عنه وراويه عنه إسماعيل بن عياش وروايته عن غير الشاميين ضعيفة وعبد الوهاب المذكور حجازي لا شامي والصحيح في هذا الحديث أنه موقوف على ابن عباس رواه عنه الشافعي بإسناد صحيح ورواه عنه مالك في الموطأ بلاغا وقد قدمناه.
والظاهر أن الاختلاف في تحديد المسافة من نوع الاختلاف في تحقيق المناط فكل ما كان يطلق عليه اسم السفر في لغة العرب يجوز القصر فيه؛ لأنه ظاهر النصوص ولم يصرف عنه صارف من نقل صحيح ومطلق الخروج من البلد لا يسمى سفرا وقد كان صلى الله عليه وسلم يذهب إلى قباء وإلى أحد ولم يقصر الصلاة والحديثان اللذان قدمنا عن مسلم محتملان وحديث سعيد بن منصور المتقدم لا نعلم أصحيح هو أم لا؟ فإن كان صحيحا كان نصا قويا في قصر الصلاة في المسافة القصيرة والطويلة وقصر أهل مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع دليل عند بعض العلماء على القصر في المسافة غير الطويلة وبعضهم يقول: القصر في مزدلفة ومنى وعرفات من مناسك الحج والله تعالى أعلم.
قال مقيده عفا الله عنه: أقوى الأقوال فيما يظهر لي حجة هو قول من قال: إن كل ما يسمى سفرا ولو قصيرا تقصر فيه الصلاة؛ لإطلاق السفر في النصوص ولحديثي مسلم المتقدمين وحديث سعيد بن منصور وروى ابن أبي شيبة عن وكيع عن مسعر عن محارب سمعت ابن عمر يقول: إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر.
وقال الثوري: سمعت جبلة بن سحيم سمعت ابن عمر يقول: لو خرجت
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»