فهو تمام والقصر لا يحل إلا أن تخاف فهذه الآية مبيحة أن تصلي كل طائفة ركعة لا تزيد عليها شيئا؛ ويكون للإمام ركعتان وروي نحوه عن ابن عمر وجابر بن عبد الله وكعب وفعله حذيفة بطبرستان وقد سأله الأمير سعيد بن العاص عن ذلك وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى كذلك في غزوة ذي قرد ركعة لكل طائفة ولم يقضوا وروي عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه كذلك يوم غزوة محارب خصفة وبني ثعلبة وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى كذلك بين ضجنان وعسفان وبكون كل من الطائفتين تقتصر على ركعة واحدة.
قال أيضا إسحاق: وروي عن الإمام أحمد وجمهور العلماء على أن الاقتصار على ركعة واحدة في الخوف لا يجوز وأجابوا عن الأحاديث الواردة بذلك من وجهين:
الأول: أن المراد بقول الصحابة الذين رووا ذلك ولم يقضوا أنهم بعدما أمنوا وزال الخوف لم يقضوا تلك الصلاة التي صلوها في حالة الخوف وتكون فيه فائدة أن الخائف إذا أمن لا يقضى ما صلى على تلك الهيئة المخالفة لهيئة صلاة الأمن ولهذا القول له وجه من النظر.
الوجه الثاني: أن قولهم في الحديث ولم يقضوا أي في علم من روى ذلك؛ لأنه قد روى أنهم قضوا ركعة في تلك الصلاة بعينها ورواية من زاد أولى قاله القرطبي وابن عبد البر ويدل له ما تقدم من رواية يزيد الفقير عن جابر من طريق شعبة عند أبي داود أنهم قضوا ركعة أخرى والمثبت مقدم على النافي ويؤيد هذه الرواية كثرة الروايات الصحيحة بعدم الاقتصار على واحدة في كيفيات صلاة الخوف والله تعالى أعلم.
وحاصل ما تقدم بيانه من كيفيات صلاة الخوف خمس وهي صلاة المسايفة الثابتة في صريح القرءان وصلاة بطن نخل وصلاة عسفان وصلاة ذات الرقاع وصلاة ذي قرد. وقد أشار الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي في نظمه للمغازي إلى غزوة ذات قرد بقوله: الرجز:
* فغزوة الغابة وهي ذو قرد * خرج في إثر لقاحه وجد * * وناشها سلمة بن الأكوع * وهو يقول اليوم يوم الرضع * * وفرض الهادي له سهمين * لسبقه الخيل على الرجلين * * واستنقذوا من ابن حصن عشرا * وقسم النبي فيهم جزرا *