حنيفة وهو قول عبد الله بن مسعود وسويد بن غفلة والشعبي والنخعي والحسن بن صالح والثوري وعن أبي حنيفة أيضا يومان وأكثر الثالث واحتج أهل هذا القول بحديث ابن عمر وحديث أبي سعيد الثابتين في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم وبحديث: مسح المسافر على الخف ثلاثة أيام ولياليهن ووجه الاحتجاج بهذا الحديث الأخير أنه يقتضي أن كل مسافر يشرع له مسح ثلاثة أيام ولا يصح العموم في ذلك إلا إذا قدر أقل مدة السفر بثلاثة أيام؛ لأنها لو قدرت بأقل من ذلك لا يمكنه استيفاء مدته؛ لانتهاء سفره فاقتضى ذلك تقديره بالثلاثة وإلا لخرج بعض المسافرين عنه. اه.
والاستدلال بالحديثين غير ظاهر فيما يظهر لي؛ لأن المراد بالحديث الأول: أن المرأة لا يحل لها سفر مسافة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم وهذا لا يدل على تحديد أقل ما يسمى سفرا ويدل له أنه ورد في بعض الروايات الصحيحة لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم.
وفي بعض الروايات الصحيحة: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة وفي رواية لمسلم مسيرة يوم وفي رواية له ليلة وفي رواية أبي داود لا تسافر بريدا ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
وقال البيهقي في السنن الكبرى: وهذه الرواية في الثلاثة واليومين واليوم صحيحة وكأن النبي صلى الله عليه وسلم: سئل عن المرأة تسافر ثلاثا من غير محرم فقال: لا وسئل عنها تسافر يومين من غير محرم فقال: لا ويوما فقال: لا فأدى كل واحد منهم ما حفظ ولا يكون عدد من هذه الأعداد حدا للسفر. اه منه بلفظه.
فظهر من هذا أن الاستدلال على أقل السفر بالحديث غير متجه كما ترى لا سيما أن ابن عمر راويه قد خالفه كما تقدم والقاعدة عند الحنفية أن العبرة بما رأى الصحابي لا بما روى. وأما الاستدلال بحديث توقيت مسح المسافر بثلاثة أيام بلياليهن فهو أيضا غير متجه لأنه إذا انتهى سفره قبلها صار مقيما وزال عنه اسم السفر وليس في الحديث أنه لا بد من أن يسافر ثلاثة بل غاية ما يفيده الحديث أن المسافر له في المسح على الخف