أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٧٠
أبو نعيم عن عبد الرحمان عن عائشة ومن قال عن أبيه في هذا الحديث فقط أخطأ. اه.
فالظاهر ثبوت هذا الحديث وهو يقوي حجة من لم يمنع إتمام الرباعية في السفر وهم أكثر العلماء وذهب الإمام مالك بن أنس إلى أن قصر الرباعية في السفر سنة وأن من أتم أعاد في الوقت؛ لأن الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على القصر في أسفاره وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان في غير أيام منى ولم يمنع مالك الإتمام ؛ للأدلة التي ذكرنا والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثاني: اختلف العلماء في تحديد المسافة التي تقصر فيها الصلاة. فقال مالك والشافعي وأحمد: هي أربعة برد والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال وتقريبه بالزمان مسيرة يومين سيرا معتدلا وعندهم اختلاف في قدر الميل معروف واستدل من قال بهذا القول بما رواه مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيره ذلك.
قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد وريم موضع. قال بعض شعراء المدينة: الوافر:
* فكم من حرة بين المنقى * إلى أحد إلى جنبات ريم * وبما رواه مالك عن نافع عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيره ذلك.
قال مالك: وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد وبما قال مالك: إنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف وفي مثل ما بين مكة وعسفان وفي مثل ما بين مكة وجدة.
قال مالك: وذلك أربعة برد وذلك أحب ما تقصر فيه الصلاة إلي وبما رواه مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة. كل هذه الآثار المذكورة في الموطأ وممن قال بهذا ابن عمر وابن عباس كما ذكرناه عنهما.
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه: وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يقصران ويفطران في أربعة برد وهي ستة عشر فرسخا. اه. وبه قال الحسن البصري والزهري والليث بن سعد وإسحاق وأبو ثور نقله عنهم النووي وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا يجوز القصر في أقل من مسافة ثلاثة أيام وممن قال به أبو
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»