أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٧٦
أنه صلى الله عليه وسلم ما كان ناويا الإقامة؛ والإقامة المجردة عن نية لا تقطع حكم السفر عند الجمهور والله تعالى أعلم.
واحتج أبو حنيفة رحمه الله لأنها نصف شهر بما روى أبو داود من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح خمسة عشر يقصر الصلاة وضعف النووي في الخلاصة رواية خمسة عشر.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وليس بجيد؛ لأن رواتها ثقات ولم ينفرد ابن إسحاق فقد أخرجها النسائي من رواية عراك بن مالك عن عبيد الله عن ابن عباس كذلك واختار أبو حنيفة رواية خمسة عشر عن رواية سبعة عشر ورواية ثمانية عشر ورواية تسعة عشر؛ لأنها أقل ما ورد فيحمل غيرها على أنه وقع اتفاقا وأرجح الروايات وأكثرها ورودا في الروايات الصحيحة رواية تسعة عشر وبها أخذ إسحاق بن راهويه وجمع البيهقي بين الروايات بأن من قال: تسعة عشر عد يوم الدخول ويوم الخروج ومن قال: سبع عشرة حذفهما ومن قال: ثماني عشرة حذف أحدهما.
أما رواية خمسة عشر فالظاهر فيها أن الراوي ظن أن الأصل رواية سبعة عشر فحذف منها يوم الدخول ويوم الخروج فصار الباقي خمسة عشر واعلم أن الإقامة المجردة عن النية فيها أقوال للعلماء:
أحدها: أنه يتم بعد أربعة أيام.
والثاني: بعد سبعة عشر يوما.
والثالث: ثمانية عشر.
والرابع: تسعة عشر.
والخامس: عشرين يوما.
والسادس: يقصر أبدا حتى يجمع على الإقامة.
والسابع: للمحارب أن يقصر وليس لغيره القصر بعد إقامة أربعة أيام.
وأظهر هذه الأقوال أنه لا يقصر حتى ينوي الإقامة ولو طال مقامه من غير نية الإقامة ويدل له قصر النبي صلى الله عليه وسلم مدة إقامته في مكة عام الفتح كما ثبت في الصحيح وما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان والبيهقي عن جابر قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة. وقد صحح هذا الحديث النووي وابن حزم وأعله
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»