وبين في موضع آخر: أن ذلك الاستدراج من كيده المتين وهو قوله: * (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملى لهم إن كيدي متين) *.
وبين في موضع آخر: أن الكفار يغترون بذلك الاستدراج فيظنون أنه من المسارعة لهم في الخيرات وأنهم يوم القيامة يؤتون خيرا من ذلك الذي أوتوه في الدنيا كقوله تعالى: * (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) * وقوله: * (أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا) * وقوله: * (ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيرا منها منقلبا) * وقوله: * (ولئن رجعت إلى ربى إن لي عنده للحسنى) * وقوله: * (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا) *. كما تقدم والبأساء: الفقر والفاقة والضراء: المرض على قول الجمهور وهما مصدران مؤنثان لفظا بألف التأنيث الممدودة. * (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ذكر في هذه الآية الكريمة أن المؤمنين سيبتلون في أموالهم وأنفسهم وسيسمعون الأذى الكثير من أهل الكتاب والمشركين وأنهم إن صبروا على ذلك البلاء والأذى واتقوا الله فإن صبرهم وتقاهم * (من عزم الأمور) * أي: من الأمور التي ينبغي العزم والتصميم عليها لوجوبها.
وقد بين في موضع آخر أن من جملة هذا البلاء: الخوف والجوع وأن البلاء في الأنفس والأموال هو النقص فيها وأوضح فيه نتيجة الصبر المشار إليها هنا بقوله: * (فإن ذلك من عزم الأمور) * وذلك الموضع هو قوله تعالى: * (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) * وبقوله: * (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه) * ويدخل في قوله: * (ومن يؤمن بالله) * الصبر عند الصدمة الأولى بل فسره بخصوص ذلك بعض العلماء ويدل على دخوله فيه قوله قبله: * (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله) *.