أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٢٣
ذلك والله أعلم.
وقال بعض العلماء: معنى الآية * (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) * أي: إن خشيتم ذلك فتحرجتم من ظلم اليتامى فاخشوا أيضا وتحرجوا من ظلم النساء بعدم العدل بينهن وعدم القيام بحقوقهن فقللوا عدد المنكوحات ولا تزيدوا على أربع وإن خفتم عدم إمكان ذلك مع التعدد فاقتصروا على الواحدة؛ لأن المرأة شبيهة باليتيم لضعف كل واحد منهما وعدم قدرته على المدافعة عن حقه فكما خشيتم من ظلمه فاخشوا من ظلمها.
وقال بعض العلماء: كانوا يتحرجون من ولاية اليتيم ولا يتحرجون من الزنى فقيل لهم في الآية: إن خفتم الذنب في مال اليتيم فخافوا ذنب الزنى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ولا تقربوا الزنا. وهذا أبعد الأقوال فيما يظهر والله تعالى أعلم.
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أيضا: أن من كان في حجره يتيمة لا يجوز له نكاحها إلا بتوفيته حقوقها كاملة وأنه يجوز نكاح أربع ويحرم الزيادة عليها كما دل على ذلك أيضا إجماع المسلمين قبل ظهور المخالف الضال وقوله صلى الله عليه وسلم لغيلان بن سلمة: اختر منهن أربعا وفارق سائرهن. وكذا قال للحارث بن قيس الأسدي وأنه مع خشية عدم العدل لا يجوز نكاح غير واحدة والخوف في الآية قال بعض العلماء: معناه الخشية وقال بعض العلماء: معناه العلم أي: * (وأن) * علمتم * (ألا تقسطوا) * ومن إطلاق الخوف بمعنى العلم. قول أبي محجن الثقفي: الطويل:
* إذا مت فادفني إلى جنب كرمة * تروي عظامي في الممات عروقها * * ولا تدفنني بالفلاة فإنني * أخاف إذا ما مت ألا أذوقها * فقوله أخاف: يعني أعلم.
تنبيه عبر تعالى عن النساء في هذه الآية بما التي هي لغير العاقل في قوله: * (فانكحوا ما طاب لكم) * ولم يقل من طاب؛ لأنها هنا أريد بها الصفات لا الذوات. أي: ما طاب لكم من بكر أو ثيب أو ما طاب لكم لكونه حلالا وإذا كان المراد الوصف عبر عن العاقل بما كقولك ما زيد في الاستفهام تعنى أفاضل؟
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»