مغفرة من الله ورحمة خيرا له مما يجمعه من حطام الدنيا وأوضح وجه ذلك في آية أخرى بين فيها أن الله اشترى منه حياة قصيرة فانية منغصة بالمصائب والآلام بحياة أبدية لذيذة لا تنقطع ولا يتأذى صاحبها بشئ واشترى منه مالا قليلا فانيا بملك لا ينفذ ولا ينقضي أبدا وهي قوله: * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من الله فاستشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) * وقال تعالى: * (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا) * وبين في آية أخرى أن فضل الله ورحمته خير مما يجمعه أهل الدنيا من حطامها وزاد فيها الأمر بالفرح بفضل الله ورحمته دون حطام الدنيا وهي قوله تعالى: * (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) * وتقديم المعمول يؤذن بالحصر أعني قوله: * (فبذلك فليفرحوا) * أي: دون غيره فلا يفرحوا بحطام الدنيا الذي يجمعونه.
وقال تعالى: * (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير) *. * (مما يجمعون قوله تعالى فاعف عنهم واستغفر الآية قد قدمنا في سورة الفاتحة في الكلام على قوله تعالى: * (صراط الذين أنعمت عليهم) * أن الجموع المذكرة ونحوها مما يختص بجماعة العقلاء من الذكور إذا وردت في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم اختلف العلماء فيها هل يدخل النساء أو لا يدخلن؟ إلا بدليل على دخولهن وبذلك تعلم أن قوله تعالى: * (واستغفر لهم) * يحتمل دخول النساء فيه وعدم دخولهن بناء على الاختلاف المذكور ولكنه تعالى بين في موضع آخر أنهن داخلات في جملة من أمر صلى الله عليه وسلم بالاستغفار لهم وهو قوله تعالى: * (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) *. * (أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله الآية ذكر في هذه الآية أن من اتبع رضوان الله ليس كمن باء بسخط منه؛ لأن همزة الإنكار بمعنى النفي ولم يذكر هنا صفة من اتبع رضوان الله ولكن أشار إلى بعضها في موضع آخر وهو قوله: * (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله