الوجه الثاني: أن المراد بقوله: * (ومن كفر) * أي: ومن لم يحج على سبيل التغليظ البالغ في الزجر عن ترك الحج مع الاستطاعة كقوله المقداد الثابت في الصحيحين حين سأله عن قتل من أسلم من الكفار بعد أن قطع يده في الحرب: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول الكلمة التي قال.
الوجه الثالث: حمل الآية على ظاهرها وأن من لم يحج مع الاستطاعة فقد كفر.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ملك زادا وراحلة ولم يحج بيت الله فلا يضره مات يهوديا أو نصرانيا؛ وذلك بأن الله قال: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين) *.
روى هذا الحديث الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه كما نقله عنهم ابن كثير وهو حديث ضعيف ضعفه غير واحد بأن في إسناده هلال بن عبد الله مولى ربيعة بن عمرو بن مسلم الباهلي وهلال هذا. قال الترمذي: مجهول وقال البخاري: منكر الحديث وفي إسناده أيضا الحارث الذي رواه عن علي رضي الله عنه. قال الترمذي: إنه يضعف في الحديث. وقال ابن عدي: هذا الحديث ليس بمحفوظ. انتهى بالمعنى من ابن كثير.
وقال ابن حجر: في الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف: في هذا الحديث أخرجه الترمذي من رواية هلال بن عبد الله الباهلي حدثنا أبو إسحاق عن الحارث عن علي رفعه: من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا.
وقال: غريب وفي إسناده مقال وهلال بن عبد الله مجهول والحارث يضعف وأخرجه البزار من هذا الوجه وقال: لا نعلمه عن علي إلا من هذا الوجه وأخرجه ابن عدي والعقيلي في ترجمة هلال ونقلا عن البخاري أنه منكر الحديث.
وقال البيهقي في الشعب: تفرد به هلال وله شاهد من حديث أبي أمامة أخرجه الدارمي بلفظ: من لم يمنعه عن الحج حاجة ظاهرة أو سلطان جائر أو مرض حابس فمات فليمت إن شاء يهوديا أو إن شاء نصرانيا أخرجه من رواية شريك عن ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمان بن سابط عنه ومن هذا الوجه أخرجه