أحد أصيبوا بمثلي ما أصيب به المسلمون ولا حجة في قوله: * (تحسونهم) *؛ لأن ذلك الحس والاستئصال في خصوص الذي قتلوا من المشركين وهم أقل ممن قتل من المسلمين يوم أحد كما هو معلوم.
فإن قيل: ما وجه الجمع بين الإفراد في قوله: * (قرح مثله) * وبين التثنية في قوله: * (قد أصبتم مثليها) * فالجواب والله تعالى أعلم أن المراد بالتثنية قتل سبعين وأسر سبعين يوم بدر؛ في مقابلة سبعين يوم أحد كما عليه جمهور العلماء.
والمراد بإفراد المثل: تشبيه القرح بالقرح في مطلق النكاية والألم والقراءتان السبعيتان في قوله: * (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح) * بفتح القاف وضمها في الحرفين معناهما واحد فهما لغتان كالضعف والضعف.
وقال الفراء: القرح بالفتح الجرح وبالضم ألمه اه. ومن إطلاق العرب القرح على الجرح قول متمم بن نويرة التميمي: الطويل:
* قعيدك ألا تسمعيني ملامة * ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا * * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين أنكر الله في هذه الآية على من ظن أنه يدخل الجنة دون أن يبتلى بشدائد التكاليف التي يحصل بها الفرق بين الصابر المخلص في دينه وبين غيره وأوضح هذا المعنى في آيات متعددة كقوله: * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول) * وقوله: * (أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون) * وقوله: * (ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) *.
وفي هذه الآيات سر لطيف وعبرة وحكمة وذلك أن أبانا آدم كان في الجنة يأكل منها رغدا حيث شاء في أتم نعمة وأكمل سرور وأرغد عيش. كما قال له ربه: * (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمؤا فيها ولا تضحى) * ولو