أضواء البيان - الشنقيطي - ج ١ - الصفحة ٢٠٣
لغنى حميد) * وقوله: * (إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولا يرضى لعباده الكفر) * وقوله: * (فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غنى حميد) * وقوله: * (قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني) * إلى غير ذلك من الآيات.
فالله تبارك وتعالى يأمر الخلق وينهاهم؛ لا لأنه تضره معصيتهم ولا تنفعه طاعتهم بل نفع طاعتهم لهم وضرر معصيتهم عليهم كما قال تعالى: * (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) * وقال: * (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها) * قال يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد) *.
وثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه قال: يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا الحديث.
تنبيه : قوله تعالى: * (ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين) * بعد قوله: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * يدل على أن من لم يحج كافر والله غني عنه. وفي المراد بقوله: * (ومن كفر) * أوجه للعلماء. الأول: أن المراد بقوله: * (ومن كفر) * أي: ومن جحد فريضة الحج فقد كفر والله غني عنه وبه قال: ابن عباس ومجاهد وغير واحد قاله ابن كثير. ويدل لهذا الوجه ما روي عن عكرمة ومجاهد من أنهما قالا لما نزلت: * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) * قالت اليهود: فنحن مسلمون.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله فرض على المسلمين حج البيت من استطاع إليه سبيلا فقالوا: لم يكتب علينا وأبوا أن يحجوا. قال الله تعالى: * (ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين) *.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»