تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان - عبد الرحمن بن ناصر السعدي - الصفحة ١٣٥
الخبيثة فقالت طائفة منهم آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار) * أي: أوله وارجعوا) * عن دينهم آخر النهار فإنهم إذا رأوكم راجعين وهم يعتقدون فيكم العلم استرابوا بدينهم وقالوا لولا أنهم رأوا فيه ما لا يعجبهم ولا يوافق الكتب السابقة لم يرجعوا هذا مكرهم والله تعالى هو الذي يهدي من يشاء) * وهو الذي بيده) * الفضل * (يختص به من يشاء) * فخصكم يا هذه الأمة بما لم يخص به غيركم ولم يدر هؤلاء الماكرون أن دين الله حق إذا وصلت حقيقته إلى القلوب لم يزد صاحبه على طول المدى إلا إيمانا ويقينا ولم تزده الشبه إلا تمسكا بدينه وحمدا لله وثناء عليه حيث من به عليه وقوله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم يعني أن) * الذي حملهم على هذه الأعمال المنكرة الحسد والبغي وخشية الاحتجاج عليهم كما قال تعالى ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق الآية (75 - 77) * (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون * بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين *) * يخبر تعالى عن أهل الكتاب أن منهم طائفة أمناء بحيث لو أمنته على قناطير * (من النقود وهي المال الكثير * (يؤده إليك) * ومنهم طائفة خونة يخونك في أقل القليل ومع هذه الخيانة الشنيعة فإنهم يتأولون بالأعذار الباطلة فيقولون * (ليس) * علينا * (في الأميين سبيل) * أي: ليس علينا جناح إذا خناهم واستبحنا أموالهم لأنهم لا حرمة لهم قال تعالى * (ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) * أن عليهم أشد الحرج فجمعوا بين الخيانة وبين احتقار العرب وبين الكذب على الله وهم يعلمون ذلك ليسوا كمن فعل ذلك جهلا وضلالا ثم قال تعالى * (بلي) * أي: ليس الأمر كما قالوا فإنه من أوفى بعهده واتقى أي قام بحقوق الله وحقوق خلقه فإن هذا هو المتقي والله يحبه أي ومن كان بخلاف ذلك فلم يف بعهده وعقوده التي بينه وبين الخلق ولا قام بتقوى الله فإن
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 140 141 ... » »»