تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان - عبد الرحمن بن ناصر السعدي - الصفحة ١٣٦
الله يمقته وسيجازيه على ذلك أعظم النكال: * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * أولئك * (لا خلاق لهم في الآخرة) * * (ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم) * يوم القيامة * (ولا يزكيهم) * (ولهم عذاب أليم) * أي: إن الذين يشترون الدنيا بالدين فيختارون الحطام القليل من الدنيا ويتوسلون إليها بالأيمان الكاذبة والعهود المنكوثة فهؤلاء لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أي قد حق عليهم سخط الله ووجب عليهم عقابه وحرموا ثوابه ومنعوا من التزكية وهي التطهير بل يردون القيامة وهم متلوثون بالجرائم متدنسون بالذنوب العظائم (78) * (وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) * أي وإن من أهل الكتاب فريقا هم محرفون لكتاب الله يلوون ألسنتهم بالكتاب * (لتحسبوه من الكتاب) * وهذا يشمل التحريف اللفظي والتحريف المعنوي ثم هم مع هذا التحريف الشنيع يوهمون أنه من الكتاب وهم كذبة في ذلك ويصرحون بالكذب على الله وهم يعلمون) * حالهم وسوء مغبتهم (79 - 80) * (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا) * (أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) * أي يمتنع ويستحيل كل الاستحالة لبشر من الله عليه بالوحي والكتاب والنبوة وأعطاه الحكم الشرعي أن يأمر الناس بعبادته وبعبادة النبيين والملائكة واتخاذهم أربابا لأن هذا هو الكفر فكيف وقد بعث بالإسلام المنافي للكفر من كل وجه فكيف يأمر بضده هذا هو الممتنع لأن حاله وما هو عليه وما من الله به عليه من الفضائل والخصائص تقتضي العبودية الكاملة والخضوع التام لله الواحد القهار وهذا جواب لوفد نجران حين تمادى بهم الغرور ووصلت بهم الحال والكبر أن قالوا أتأمرنا يا محمد أن نعبدك حين أمرهم بعبادة الله وطاعته فبين الباري انتفاء ما قالوا وأن كلامهم وكلام أمثالهم في هذا ظاهر البطلان (81 - 82) * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين * فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) * هذا إخبار منه تعالى أنه أخذ عهد النبيين وميثاقهم كلهم بسبب ما أعطاهم ومن به عليهم من الكتاب والحكمة المقتضي للقيام التام بحق الله وتوفيته إنه إن جاءهم رسول مصدق لما معهم بما بعثوا به من التوحيد والحق والقسط والأصول التي اتفقت عليها الشرائع أنهم يؤمنون به وينصرونه فأقروا على ذلك واعترفوا والتزموا وأشهدهم وشهد عليهم وتوعد من
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 140 141 142 ... » »»