عليه في جاهليتكم * (وتلك) * الأحكام المذكورة * (حدود الله) * التي لا يجوز تعديها فالزموها وقفوا عندها * (وللكافرين) * أي الذين يتعدونها ولا يعملون بها * (عذاب أليم) * على كفرهم وأطلق الكافر على متعدى الحدود تغليظا لزجره، ونظير ذلك قوله تعالى: * (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) * (آل عمران: 97).
* (إن الذين يحآدون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنآ ءايات بينات وللكافرين عذاب مهين) *.
* (إن الذين يحآدون الله ورسوله) * أي يعادونهما ويشاقونهما لأن كلا من المتعاديين في حد وجهة غير حد الآخر وجهته كما أن كلا منهما في عدوة وشق غير عدوة الآخر وشقه، وقيل: إطلاق ذلك على المتعاديين باعتبار استعمال الحديد لكثرة ما يقع بينهما من المحاربة بالحديد كالسيوف والنصال وغيرها، والأول أظهر، وفي ذكر المحادة في أثناء ذكر حدود الله تعالى دون المعاداة والمشاقة حسن موقع جاوز الحد، وقال ناصر الدين البيضاوي: أو يضعون أو يختارون حدودا غير حدود الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ومناسبته لما قبله في غاية الظهور.
قال الملوى شيخ الإسلام سعد الله جلبي: وعلى هذا ففيه وعيد عظيم للملوك وأمراء السوء الذين وضعوا أمورا خلاف ما حده الشرع وسموها اليسا والقانون، والله تعالى المستعان على ما يصفون اه، وقال شهاب الدين الخفاجي بعد نقله: وقد صنف العارف بالله الشيخ بهاء الدين قدس الله تعالى روحه رسالة في كفر من يقول: يعمل بالقانون والشرع إذا قابل بينهما، وقد قال الله تعالى: * (اليوم أكملت لكم دينكم) * (المائدة: 3) وقد وصل الدين إلى مرتبة من الكمال لا يقبل التكميل، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، ولكن أين من يعقل؟! انتهى.
وليتني رأيت هذه الرسالة وقفت على ما فيها فإن إطلاق القول بالكفر مشكل عندي فتأمل، ثم إنه لا شبهة في أنه لا بأس بالقوانين السياسية إذا وقعت باتفاق ذوي الآراء من أهل الحل والعقد على وجه يحسن به