وفعل المعروف، ويعضد ذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في صلاة التراويح: نعمت البدعة هذه.
* (ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وءامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم) *.
* (يا أيها الذين ءامنوا) * استظهر أبو حيان كون الخطاب لمن آمن من أمته صلى الله عليه وسلم غير أهل الكتاب والآثار تؤيد ذلك، أخرج الطبراني في " الأوسط " عن ابن عباس. وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قالا: إن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أحدا فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا: يا رسول الله إنا أهل ميسرة فأذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل الله تعالى فيهم: * (الذي آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون) * إلى قوله سبحانه: * (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) * (:) فجعل لهم أجرين فلما نزلت هذه الآية قالوا: يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فأنزل الله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا) * الآية أي رادا عليهم قولهم: ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم.
وفي " الكشاف " إن قائل ذلك من لم يكن آمن من أهل الكتاب قالوه حين سمعوا تلك الآية يفخرون به على المسلمين، والمعنى يا أيها الذين اتصفوا بالايمان * (اتقوا الله) * أثبتوا على تثواه عز وجل فيما نهاكم عنه.
* (وءامنوا برسوله) * وأثبتوا على الايمان برسوله الذي أرسله إليكم وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وفي التعبير عنه بذلك ما لا يخفى من الدلالة على جلالة قدره عليه الصلاة والسلام * (يؤتكم) * بسبب ذلك.
* (كفلين من رحمته) * قال أبو موسى الأشعري: ضعفين بلسان الحبشة، وقال غير واحد: نصيبين، والمراد إيتاؤهم أجرين كمؤمني أهل الكتاب كأنه قيل: يؤتكم ما وعد من آمن من أهل الكتاب من الأجرين لأنكم مثلهم في الايمان بالرسل المتقدمين وبخاتمهم صلى الله عليه وسلم عليهم أجمعين لاتفرقون بين أحد من رسله.
وقال الراغب: الكفل الحظ الذي فيه الكفاية كأنه تكفل بأمره، والكفلان هما المرغوب فيهما بقوله تعالى: * (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) * (البقرة: 201).
* (ويجعل لكم نورا تمشون به) * يوم القيامة وهو النور المذكور في قوله تعالى: * (يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم) * (الحديد: 12) * (ويغفر لكم) * ما سلف منكم * (والله غفور رحيم) * أي مبالغ في المغفرة والرحمة فلا بدع إذا فعل سبحانه ما فعل، وقوله تعالى:
* (لئلا يعلم أهل الكتابألا يقدرون على شىء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشآء والله ذو الفضل العظيم) *.
* (لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله) * قيل: متعلق بمضمون الجملة الطلبية المتضمنة لمعنى الشرط إذ التقدير إن تتقوا الله وتؤمنوا برسوله يؤتكم كذا وكذا لئلا الخ، وقيل: متعلق بالأفعال الثلاثة قبله على التنازع، أو بمقدر كفعل ذلك وأعلمهم ونحوه و * (لا) * مزيدة مثلها في قوله تعالى: * (ما منعك ألا تسجد) * (الأعراف: 12) ويجوز زيادتها مع القرينة كثيرا و * (أن) * مخففة من الثقيلة واسمها المحذوف ضمير أهل الكتاب أي أنهم، وقيل: ضمير الشأن وما بعد خبرها والجملة في حيز النصب على أنها مفعول يعلم أي ليعلم أهل الكتاب القائلون من آمن بكتابكم منا فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم أنهم لا ينالون شيئا من فضل الله من الأجرين وغيرهما ولا يتمكنون من نيله ما لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وحاصله الإعلام بأن إيمانهم بنبيهم لا ينفعهم شيئا ما لم يؤمنوا بالنبي عليه الصلاة والسلام فقولهم: من لم يؤمن بكتابكم فله أجر باطل.