كان العرض وهو أقصر الامتدادين موصوفا بالسعة دل على سعة الطول بالطريق الأولى فالاقتصار عليه أبلغ من ذكر الطول معه، وقيل: المراد بالعرض البسطة ولذا وصف به الدعاء ونحوه مما ليس من ذوي الأبعاد وتقدم قول آخر في تفسير نظير الآية من سورة آل عمران وتقديم المغفرة على الجنة لتقدم التخلية على التحلية.
* (أعدت للذين ءامنوا بالله ورسله) * أي هيئت لهم، واستدل بذلك على أن الجنة موجودة الآن لقوله تعالى: * (أعدت) * بصيغة الماضي والتأويل خلاف الظاهر، وقد صرح بخلافه في الأحاديث الصحيحة وتمام الكلام في علم الكلام، وعلى أن الإيمان وحده كاف في استحقاق الجنة لذكره وحده فيما في حيز ما يشعر بعلة الإعداد وإدخال العمل في الإيمان المعدى بالباء غير مسلم كذا قالوا، ومتى أريد بالذين آمنوا المذكورين من لهم درجة في الإيمان يعتد بها، وقيل: بأنها لا تحصل بدون الأعمال الصالحة على ما سمعته منا قريبا انخدش الاستدلال الثاني في الجملة كما لا يخفى، وذكر النيسابوري في وجه التعبير هنا - بسابقوا - وفي آية آل عمران - بسارعوا - وبالسماء هنا، بالسماوات هناك - وبكعرض - هنا - وبعرض - بدون أداة تشبيه ثم كلاما مبنيا على أن المراد بالمتقين هناك السابقون المقربون، وبالذين آمنوا هنا من هم دون أولئك حالا لتأمل * (ذلك) * أي الذي وعد من المغفرة والجنة * (فضل الله) * عطاؤه الغير الواجب عليه * (يؤتيه من يشاء) * إيتاءه * (والله ذو الفضل العظيم) * فلا يبعد منه عز وجل التفضل بذلك على من يشاء وإن عظم قدره، فالجملة تذييل لإثبات ما ذيل بها.
* (مآ أصاب من مصيبة فى الارض ولا فىأنفسكم إلا فى كتابمن قبل أن نبرأهآ إن ذلك على الله يسير) *.
* (ما أصاب من مصيبة) * أي نائبة أي نائبة وأصلها في الرمية وهي من أصاب السهم إذا وصل إلى المرمى بالصواب ثم خصت بها.
وزعم بعضهم أنها لغة عامة في الشر والخير وعرفا خاصة بالشر، و * (من) * مزيدة للتأكيد، وأصاب جاء في الشر كما هنا، وفي الخير كقوله تعالى: * (ولئن أصابكم فضل من الله) * (النساء: 73) وذكر بعضهم أنه يستعمل في الخير اعتبارا بالصواب أي بالمطر وفي الشر اعتبارا بإصابة السهم، وكلاهما يرجعان إلى أصل وتذكير الفعل في مثل ذلك جائز كتأنيثه، وعليه قوله تعالى: * (ما تسبق من أمة أجلها) * (الحجر: 5) والكلام على العموم لجميع الشرور أي مصيبة أي مصيبة * (في الأرض) * كجدب وعاهة في الزرع والثمار وزلزلة وغيرها * (ولا في أنفسكم) * كمرض وآفة كالجرح والكسر * (إلا في كتاب) * أي إلا مكتوبة مثبتة في اللوح المحفوظ، وقيل: في علم الله عز وجل.
* (من قبل أن نبرأها) * أي نخلقها، والضمير على ما روي عن ابن عباس. وقتادة. والحسن. وجماعة للأنفس، وقيل: للأرض، واستظهر أبو حيان كونه للمصيبة لأنها هي المحدث عنها، وذكر الأرض والأنفس إنما هو على سبيل ذكر محلها، وذكر المهدوي جواز عوده على جميع ما ذكر، وقال جماعة: يعود على المخلوقات وإن لم يجر لها ذكر، وقيل: المراد بالمصيبة هنا الحوادث من خير وشر وهو خلاف الظاهر من استعمال المصيبة إلا أن فيما بعد نوع تأييد له وأيا ما كان ففي الأرض متعلق بمحذوف مرفوع أو مجرور صفة لمصيبة على الموضع أو على اللفظ، وجوز أن يكون ظرفا لأصاب أو للمصيبة، قيل: وإنما قيدت المصيبة بكونها في الأرض والأنفس لأن الحوادث المطلقة كلها ليست مكتوبة في اللوح لأنها غير متناهية، واللوح متناه وهو لا يكون