تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٤٣
وقتادة. وغيرهم كأنهن شبهن في التساوي بالترائب التي هي ضلوع الصدر. أو كأنهن وقعن معا على التراب أي الأرض وهو بنات ثلاث وثلاثين سنة وكذا أزواجهن.
وأخرج الترمذي عن معاذ مرفوعا " يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين أبناء ثلاثين، أو ثلاث وثلاثين " والمراد بذلك كمال الشباب، وقوله تعالى:
* (لاصح‍اباليمين) *.
* (لأصحاب اليمين) * متعلق - بأنشانا - أو بجعلنا، وقيل: متعلق - بأترابا - كقولك فلان ترب لفلان أي مساولة فهو محتاج إلى التأويل، وتعقب بأنه مع هذا ليس فيه كثير فائدة وفيه نظر، وقيل: بمحذوف هو صفة - لأبكارا - أي كائنات لأصحاب اليمين، وفيه إقامة الظاهر مقام الضمير لطول العهد أو للتأكيد والتحقيق، وقوله تعالى:
* (ثلة من الاولين * وثلة من الاخرين) *.
* (ثلة من الأولين * وثلة من الأخرين) * خبر مبتدأ محذوف أي هم ثلة، أو خبر ثان لهم المقدر مبتدأ مع * (في سدر) * أو * (لأصحاب اليمين) * في قوله تعالى: * (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) * (الواقعة: 17) أو مبتدأ خبره محذوف أي منهم، أو مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله احتمالات اعترض الأخير منها بأن المعنى عليه غير ظاهر ولا طلاوة فيه، وجعل اللام بمعنى من كما في قوله: ونحن لكم يوم القيامة أفضل لا يخفى حاله - والأولون والآخرون - المتقدمون والمتأخرون إما من الأمم وهذه الأمة، أو من هذه الأمة فقط على ما سمعت فيما تقدم، هذا ولم يقل سبحانه في حق أصحاب اليمين - جزاءا بما كانوا يعملون - كما قاله عز وجل في حق السابقين رمزا إلى أن الفضل في حقهم متمحض كأن عملهم لقصوره من عمل السابقين لم يعتبر اعتباره. ثم الظاهر أن ما ذكر من حال أصحاب اليمين هو حالهم الذي ينتهون إليه فلا ينافي أن يكون منهم من يعذب لمعاص فعلها ومات غير تائب عنها ثم يدخل الجنة، ولا يمكن أن يقال: إن المؤمن العاصي من أصحاب الشمال لأن صريح أوصافهم الآتية يقتضي أنهم كانوا كافرين ويلزم من جعل هذا قسما على حدة كون القسمة غير مستوفاة فليتأمل، والله تعالى أعلم.
والكلام في قوله تعالى:
* (وأصح‍ابالشمال مآ أصح‍ابالشمال * فى سموم وحميم) *.
* (وأصح‍ابالشمال مآ أصح‍ابالشمال * في سموم) * على نمط ما سلف في نظيره، والسموم قال الراغب: الريح الحارة التي تؤثر تأثير السم، وفي الكشاف حر نار ينفذ في المسام والتنوين للتعظيم وكذا في قوله تعالى: * (وحميم) * وهو الماء الشديد الحرارة.
* (وظل من يحموم) *.
* (وظل من يحموم) * أي دخان أسود كما قال ابن عباس. وأو مالك. وابن زيد. والجمهور وهي على وزن يفعول، وله نظائر قليلة من الحممة القطعة من الفحم وتسميته ظلا على التشبيه التهكمي، وعن ابن عباس أيضا أنه سرادق النار المحيط بأهلها يرتفع من كل ناحية حتى يظللهم، وقال ابن كيسان: هو من أسماء جهنم فإنها سوداء وكذا كل ما فيها أسود بهيم نعوذ بالله تعالى منها. وقال ابن بريدة. وابن زيد أيضا: هو جبل في النار أسود يفزع أهل النار إلى ذراه فيجدونه أشد شيء، والجار والمجرور في موضع الصفة - لظل - وكذا قوله سبحانه:
* (لا بارد ولا كريم) *.
* (لا بارد ولا كريم) * صفتان له، وتقديم الصفة الجار والمجرور على الصفة المفردة جائز كما صرح به الرضى وغيره أي لا بارد كسائر الظلال، ولا نافع لمن يأوى إليه من أذى الحر - وذلك كرمه - فهناك استعارة، ونفي ذلك ليمحق توهم ما في الظل من الاسترواح إليه وإن وصف أولا بقوله تعالى: * (من يحموم) * والمعنى أنه ظل حار ضار إلا أن للنفي شأنا ليس للإثبات ومن ذلك جاء التهكم والتعريض بأن الذي يستأهل الظل الذي فيه برد وإكرام غير هؤلاء فيكون
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»