تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٤٢
يعود على مذكور متقدم وليس إلا الفرش ولا يناسب العود إليه إلا بهذا المعنى والاستخدام بعيد هنا، وعلى القول في الفرش الضمير للنساء وإن لم يجر لها ذكر لتقدم ما يدل عليها فهو تتميم بيانا لمقدر يدل عليه السياق كأنه قيل وفرش مرفوعة ونساء أو وحور عين، ثم استؤنف وصفهن بقوله سبحانه: * (إنا أنشأناهن) * تتميما للبيان زيادة للترغيب لا لتعليل الرفع، وقيل: إن المرجع مضمر وتقدير المنزل وفرش مرفوعة لأزواجهم أو لنسائهم فإنا الخ استئناف علة للرفع أي وفرش مرفوعة لأزواجهم لأنا أنشأناهن، والأول أوفق لبلاغة القرآن العظيم، والمراد بأنشأناهن أعدنا إنشاءهن من غير ولادة لأن المخبر عنهن بذلك نساءكن في الدنيا.
فقد أخرج ابن جرير. وعبد بن حميد. والترمذي. وآخرون عن أنس قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في الآية إن المنشآت اللاتي كن في الدنيا عجائز عمشا رمصا " وأخرج الطبراني. وابن أبي حاتم. وجماعة عن سلمة بن مرتد الجعفي قال: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى: * (إنا أنشأناهن إنشاءا) * الثيب والابكار اللاتي كن في الدنيا " وأخرج الترمذي في الشمائل. وابن المنذر. وغيرهما عن الحسن قال: " أتت عجوز فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة فقال: يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز فولت تبكي قال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول: * (إنا أنشأناهن إنشاءا) * الخ، وقال أبو حيان: الظاهر أن الإنشاء هو الاختراع الذي لم يسبق بخلق ويكون ذلك مخصوصا بالحور العين فالمعنى إنا ابتدأناهن ابتداءا جديدا من غير ولادة ولا خلق أول.
* (فجعلن‍اهن أبك‍ارا) *.
* (فجعلن‍اهن أبكارا) * تفسير لما تقدم، والجعل إما بمعنى التصيير، و * (أبكارا) * مفعول ثان، أو بمعنى الخلق و * (أبكارا) * حال أو مفعول ثان، والكلام من قبيل ضيق فم الركية، وفي الحديث " إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا " أخرجه الطبراني في الصغير. والبزار عن أبي سعيد مرفوعا.
* (عربا أترابا) *.
* (عربا) * متحببات إلى أزواجهن جمع عروب كصبور وصبر، وروي هذا عن جماعة من السلف وفسرها جماعة أخرى بغنجات، ولا يخفى أن الغنج ألطف أسباب التحبب، وعن زيد بن أسلم العروب الحسنة الكلام، وفي رواية عن ابن عباس. والحسن. وابن جبير. ومجاهد هن العواشق لأزواجهن، ومنه على ما قيل قول لبيد: وفي الخدور (عروب غير فاحشة) * ريا الروادف يعشى دونها البصر وفي رواية أخرى عن مجاهد أنهن الغلمات اللاتي يشتهين أزواجهن، وأخرج ابن عدي بسند ضعيف عن أنس مرفوعا - خير نسائكم العفيفة الغلمة - وقال اسحق بن عبد الله بن الحرث النوافلي: العروب الخفرة المتبذلة لزوجها، وأنشد: (يعرين عند بعولهن) إذا خلوا * وإذا (هم خرجوا فهن خفار) ويرجع هذا إلى التحبب، وأخرج ابن أبي حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: * (عربا) * كلامهن عربي، ولا أظن لهذا صحة؛ والتفسير بالمتحببات هو الذي عليه الأكثر.
وقرأ حمزة. وجماعة - منها عباس. والأصمعي - عن أبي عمرو، وأخرى - منها خارجة. وكردم - عن نافع، وأخرى منها حماد. وأبو بكر. وأبان - عن عاصم * (عربا) * بسكون الراء وهي لغة تميم، وقال غير واحد: هي للتغفيف كما في عنق وعنق * (أترابا) * مستويات في سن واحد كما قال أنس. وابن عباس.
ومجاهد. والحسن. وعكرمة.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»