تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٤٨
أو عازمين على تبديل أمثالكم، والجملة السابقة على حالها، وقال الطبري: * (على أن نبدل) * متعلق - بقدرنا - وعلة له وجملة * (وما نحن بمسبوقين) * اعتراض، والمعنى نحن قدرنا بينكم الموت لأن نبدل أمثالكم أي نميت طائفة ونبدلها بطائفة هكذا قرنا بعد قرن.
* (ولقد علمتم النشأة الاولى فلولا تذكرون) *.
* (ولقد علمتم النشأة الأولى) * من خلقكم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة؛ وقال قتادة: هي فطرة آدم عليه السلام من التراب ولا ينكرها أحد من ولده * (فلولا تذكرون) * فهلا تتذكرون أن من قدر عليها فهو على النشأة الأخرى أقدر وأقدر فإنها أقل صنعا لحصول المواد وتخصيص الأجزاء وسبق المثاق، وهذا - على ما قالوا - دليل على صحة القياس لكن قيل: لا يدل إلا على قياس الأولى لأنه الذي في الآية، وفي الخبر عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الآخرة وهو يرى النشأة الأولى، وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة وهو يسعى لدار الغرور.
وقرأ طلحة تذكرون بالتخفيف وضم الكاف.
* (أفرءيتم ما تحرثون) *.
* (أفرءيتم ما تحرثون) * ما تبذرون حبه وتعملون في أرضه.
* (أءنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) *.
* (ءأنتم تزرعونه) * تنبتونه وتردونه نباتا يرف وينمي إلى أن يبلغ الغاية * (أم نحن الزارعون) * أي المنبتون لا أنتم والكلام في - أنتم - و * (أم) * كما مر آنفا، وأخرج البزار. وابن جرير. وابن مردويه. وأبو نعيم. والبيهقي في " شعب الأيمان " - وضعفه - وابن حبان - كما قال الخفاجي - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يقولن أحدكم زرعت ولكن ليقل حرثت، ثم قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه ألم تسمعوا الله تعالى يقول: * (أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) * " يشير رضي الله تعالى عنه إلى أنه عليه الصلاة والسلام أخذ النهي من هذه الآية فإنه أسند الحرث إلى المخاطبين دون الزرع، وقال القرطبي: إنه يستحب للزارع أن يقول بعد الاستعاذة وتلاوة هذه الآية الله تعالى الزارع والمنبت والمبلغ اللهم صل على محمد وارزقنا ثمره وجنبنا ضرره واجعلنا لأنعمك من الشاكرين، قيل: وقد جرب هذا الدعاء لدفع آفات الزرع كلها وإنتاجه.
* (لو نشآء لجعلناه حط‍اما فظلتم تفكهون) *.
* (لو نشاء لجعلن‍اه حط‍اما) * هشيما متكسرا متفتتا لشدة يبسه بعدما أنبتناه وصار بحيث طمعتم في حيازة غلاله * (فظلتم) * بسبب ذلك * (تفكهون) * تتعجبون من سوء حاله إثر ما شاهدتموه على أحسن ما يكون من الحال على ما روى عن ابن عباس. ومجاهد. وقتادة، وقال الحسن: تندمون أي على ما تعبتم فيه، وأنفقتم عليه من غير حصول نفع، أو على ما اقترفتم لأجله من المعاصي، وقال عكرمة: تلاومون على ما فعلتم، وأصله التفكه التنقل بصنوف الفاكهة واستعير للتنقل بالحديث وهو هنا ما يكون بعد هلاك الزرع وقد كنى به في الآية عن التعجب، أو الندم. أو التلاوم على اختلاف التفاسير، وفي " البحر " كل ذلك تفسير باللازم، ومعنى * (تفكهون) * تطرحون الفكاهة عن أنفسكم وهي المسرة، ورجل فكه منبسط النفس غير مكترث بشيء وتفكه من أخوات تحرج وتحوب أي إن التفعل فيه للسلب.
وقرأ أبو حيوة. وأبو بكر في رواية العتكي عنه * (فظلتم) * بكسر الظاء كما قالوا: مست بالكسر ومست بالفتح، وحكاها الثوري عن ابن مسعود وجاءت عن الأعمش، وقرأ عبد الله. والجحدري - فظللتم - بلامين أولاهما مكسورة، وقرأ الجحدري أيضا كذلك مع فتح اللام والمشهور ظللت بالكسر، وقرأ أبو حزام تفكنون بالنون بدل الهاء، قال ابن خالويه: تفكه بالهاء تعجب، وتفكن بالنون تندم.
* (إنا لمغرمون) *.
* (إنا لمغرمون) * أي معذبون
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»