تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٣٦
عين فعل جمع فعيل المضعف نحو سرير.
* (متكئين عليها متق‍ابلين) *.
* (متكئين عليها) * حال من الضمير المستقر في الجار والمجرور أعني على سرر، وقوله تعالى: * (متق‍ابلين) * حال منهم أيضا ولك أن تعتبر الحالين متداخلين.
والمراد كما قال مجاهد: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه وهو وصف لهم بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق ورعاية الآداب وصفاء البواطن، وقوله تعالى:
* (يطوف عليهم ولدان مخلدون) *.
* (يطوف عليهم) * حال أخرى أو استئناف أي يدور حولهم للخدمة * (ولدان مخلدون) * أي مبقون أبدا على شكل الولدان وحد الوصافة لا يتحولون عن ذلك، وإلا فكل أهل الجنة مخلد لا يموت، وقال الفراء. وابن جبير: مقرطون بخلدة وهي ضرب من الأقراط قيل: هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيآت فيعاقبوا عليها، وروى هذا أمير المؤمنين على كرم الله تعالى وجهه، وعن الحسن البصري - واشتهر أنه عليه الصلاة والسلام - قال: أولاد الكفار خدم أهل الجنة - وذكر الطيبي أنه لم يصح بل صح ما يدفعه؛ أخرج البخاري. وأبو داود. والنسائي عن عائشة قالت: توفي صبي فقلت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: أو لا تدرين أن الله تعالى خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا ولهذه أهلا، وفي رواية خلقهم لهما وهم في أصلاب آبائهم.
وأخرج أبو داود عنها أنها قالت: قلت: يا رسول الله ذراري المؤمنين فقال من آبائهم فقلت: يا رسول الله بلا عمل قال: الله أعلم بما كانوا عاملين قلت: يا رسول الله فذراري المشركين قال: من آبائهم فقلت: بلا عمل قال: الله أعلم بما كانوا عاملين، وقيل: إنهم يمتحنون يوم القيامة فتخرج لهم نار ويؤمرون بالدخول فيها فمن دخلها وجدها بردا وسلاما وأدخل الجنة، ومن أبى أدخل النار مع سائر الكفار ويروون في ذلك أثرا.
ومن الغريب ما قيل: إنهم بعد الإعادة يكونون ترابا كالبهائم، وفي " الكشف " الأحاديث متعارضة في المسألة وكذلك المذاهب، والمسألة ظنية والعلم عند الله تعالى وهو عز وجل أعلم انتهى؛ والأكثر على دخولهم الجنة بفضل الله تعالى ومزيد رحمته تبارك وتعالى، وسيأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام في ذلك.
* (بأكواب وأباريق وكأس من معين) *.
* (بأكواب) * بآنية لا عرا لها ولا خراطيم، والظاهر أنها الأقداح وبذلك فسرها عكرمة وهي جمع كوب * (وأباريق) * جمع إبريق وهو إناء له خرطوم قيل: وعروة، وفي " البحر " أنه من أواني الخمر، وأنشد قول عدي بن زيد: ودعوا بالصبوح يوما فجاءت * في (قينة يمينها إبريق وفيه أيضا أنه إفعيل من البريق، وذكر غير واحد أنه معرب - آب ريزاي - صاب الماء وهو أنسب مما في بعض نسخ القاموس أنه معرب - آب ري - بلا زاي، وأيا ما كان فهو ليس مأخوذ من البريق، نعم الإبريق بمعنى المرأة الحسنة البراقة والسيف البراق والقوس فيها تلاميع مأخوذ من ذلك، ولعله يقول بأنه عربي لا معرب، وأن البريق مما فيه من الخمر والشعراء يصفونها بذلك كقوله: (مشعشعة) كأن الحص فيها * إذا ما الماء خالطها سخينا أو لأنه غالبا يتخذ مماله نوع برق كالبلور والفضة * (وكأس من معين) * أي خمر جارية من العيون كما قال ابن عباس. وقتادة أي لم يعصر كخمر الدنيا، وقيل: خمر ظاهرة للعيون مرئية بها لأنها كذلك أهنأ، وأفرد الكأس على ما قيل لأنها لا تسمى كأسا إلا إذا كانت مملوءة.
* (لا يصدعون عنها ولا ينزفون) *.
* (لا يصدعون عنها) * أي بسببها وحقيقته لا يصدر
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»