لا يتعاصاها شيء * (ولهم فيها) * مع ما ذكر من فنون الأنهار * (من كل الثمرات) * أي أنواع من كل الثمرات فالجار والمجرور صفة مبتدأ مقدر وقدره بعضهم زوجان وكأنه انتزعه من قوله تعالى: * (فيهما من كل فاكهة زوجان) * وقيل: * (من) * زائدة أي ولهم فيها كل الثمرات * (ومغفرة) * مبتدأ خبره محذوف والجملة عطف على الجملة السابقة أي ولهم مغفرة، وجوز أن يكون عطفا على المبتدأ قبل بدون قيد فيها لأن المغفرة قبل دخول الجنة أو بالقيد والكلام على حذف مضاف أي ونعيم مغفرة أو جعل المغفرة عبارة عن أثرها وهو النعيم أو مجازا عن رضوان الله عز وجل، وقد يقال: المراد بالمغفرة هنا ستر ذنوبهم وعدم ذكرها لهم لئلا يستحيوا فتتنغص لذتهم والمغفرة السابقة ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها وحينئذ العطف على المبتدأ من غير ارتكاب شيء مما ذكر، وقد رأيت نحو هذا بعد كتابته للطبرسي مقتصرا عليه ولعله أولى مما قالوه، وتنوين * (مغفرة) * للتعظيم أي مغفرة عظيمة لا يقادر قدرها، وقوله تعالى: * (من ربهم) * متعلق بمحذوف صفة لها مؤكدة لما أفاده التنكير من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية أي كائنة من ربهم، وقوله عز وجل: * (كمن هو خالد في النار) * خبر لمبتدأ محذوف تقديره أمن هو خالد في هذه الجنة حسبما جرى به الوعد كمن هو خالد في النار كما نطق به قوله تعالى: * (والنار مثوى) * لهم، وجوز أن يكون بدلا من قوله سبحانه: * (كمن زين له سوء عمله) * وما بينهما اعتراض لبيان ما يمتاز به من على بينة في الآخرة تقريرا لإنكار المساواة وفيه بعد. وذهب جار الله إلى أنه خبر * (مثل الجنة) * وأن ذاك مرتب على الإنكار السابق أعني قوله تعالى: * (أفمن كان) * الخ، والمعنى أمثل الجنة كمثل جزاء من هو خالد في النار فالمضافان محذوفان الجزاء بقرينة مقابلة الجنة ولفظ المثل بقرينة تقدمه ومثله كثير، وفائدة التعرية عن حرف الإنكار أن من اشتبه عليه الأول أعني حال المتمسك بالبينة وحال التابع لهواه فالثاني مثله عنده وإذ ذاك لا يستحق الخطاب، ونظير ذلك قول حضرمي بن عامر: / جسم] أفرح إن أرزأ الكرام وإن * أورث ذودا شصائصا نبلا فإنه كلام منكر للفرح برزية الكرام ووراثة الذود مع تعريه من حرف الإنكار لانطوائه تحت حكم من قال له: أتفرح بموت أخيك وبوراثة إبله وذلك من التسليم الذي يقل تحته كل إنكار، وجعل قوله تعالى: * (فيها أنهار) * كالتكرير للصلة أي صلة بعد صلة يتضمن تفصيلها لأنه كالتفصيل للموعود، ولهذا لم يتخلل العاطف بينهما، وجوز أن يكون في موضع الحال على أن الظرف في موضع ذلك و * (أنهار) * فاعله لا على أنه مبتدأ والظرف خبر مقدم والجملة الاسمية حال لعدم الواو فيها، وقد صرحوا بأن الاكتفاء فيها بالضمير غير فصيح، واعتبارها فعلية بتقدير متعلق الظرف استقر لا يخفى حاله، وقيل: في الحال ضعف من حيث المعنى لمجيئه مجىء الفضلات وهي أم الإنكار، وأيضا هو حال من الجنة لا من ضميرها في الصلة وفي العامل تكلف، ثم الحال غير مقيدة وجعلها مؤكدة وقد علم كونها كذلك من إخباره تعالى فيه أيضا تكلف، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف والجملة استئناف بياني، قال في " الكشف ": وهو الوجه، والتقدير هي فيها أنها وكأنه قيل: أنى يكون صفة الجنة وهي كذا وكذا كصفة النار فالاستئناف ههنا بمنزلة قولك: وهي كذا وكذا اعتراضا لما في لفظ المثل من الأشعار بالوصف العجيب، وليس خبر الجملة السابقة * (وهو كمن هو
(٤٩)