كائنين في عدادهم منتظمين في سلكهم، وقيل: * (في) * بمعنى مع وليس بذاك * (وعد الصدق) * مصدر لفعل مقدر وهو مؤكد لمضمون الجملة قبله، فإن قوله سبحانه: * (نتقبل. ونتجاوز) * وعد منه عز وجل بالتقبل والتجاوز.
* (الذي كانوا يوعدون) * على ألسنة الرسل عليهم السلام. وقرىء * (يتقبل) * بالياء والبناء للمفعول و * (أحسن) * بالرفع على النيابة مناب الفاعل وكذا * (يتجاوز عن سيآتهم) *.
وقرأ الحسن. والأعمش. وعيسى بالياء فيهما مبنيين للفاعل وهو ضميره تعالى شأنه و * (أحسن) * بالنصب على المفعولية.
* (والذى قال لوالديه أف لكمآ أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك ءامن إن وعد الله حق فيقول ما هاذآ إلا أساطير الاولين) *.
* (والذي قال لوالديه) * عند دعوتهما إياه للإيمان * (أف لكما) * صوت يصدر عن المرء عند تضجره وفيه قرآات ولغات نحو الأربعين، وقد نبهنا على ذلك في سورة الإسراء، واللام لبيان المؤفف له كما في * (هيت لك) * والموصول مبتدأ خبره * (أولئك الذين حق عليهم القول) * (الأحقاف: 18) والمراد به الجنس فهو في معنى الجمع، ولذا قيل: * (أولئك) * وإلى ذلك أشار الحسن بقوله: هو الكافر العلق لوالديه المنكر للبعث، ونزول الآية في شخص لا ينافي العموم كما قرر غير مرة، وزعم مروان عليه ما يستحق أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما وردت عليه عائشة رضي الله تعالى عنها. أخرج ابن أبي حاتم. وابن مردويه عن عبد الله قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال: إن الله تعالى قد أرى لأمير المؤمنين - يعني معاوية - في يزيد رأيا حسنا أن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر. وعمر فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: أهرقلية إن أبا بكر رضي الله تعالى عنه والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لولده، فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه أف لكما فقال عبد الرحمن: ألست ابن اللعين الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك فسمعت عائشة فقالت: مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا كذبت والله ما فيه نزلت نزلت في فلان بن فلان.
وفي رواية تقدمت رواها جماعة وصححها الحاكم عن محمد بن زياد أنها كذبته ثلاثا ثم قالت: والله ما هو به - تعني أخاها - ولو شئت أن اسمي الذي أنزلت فيه لسميته إلى آخر ما مر، وكان ذلك من فضض اللعنة إغاظة لعبد الرحمن وتنفيرا للناس عنه لئلا يلتفتوا إلى ما قاله وما قال إلا حقا فأين يزيد الذي تجل اللعنة عنه وأين الخلافة.
ووافق بعضهم كالسهيلي في الإعلام مروان في زعم نزولها في عبد الرحمن، وعلى تسليم ذلك لا معنى للتعيير لا سيما من مروان فإن الرجل أسلم وكان من أفاضل الصحابة وأبطالهم وكان له في الإسلام غناء يوم اليمامة وغيره والإسلام يجب ما قبله فالكافر إذا أسلم لا ينبغي أن يعير بما كان يقول * (أتعدانني أن أخرج) * ابعث من القبر بعد الموت. وقرأ الحسن. وعاصم. وأبو عمرو في رواية وهشام * (أتعداني) * بإدغام نون الرفع في نون الوقاية، وقرأ نافع في رواية. وجماعة بنون واحدة، وقرأ الحسن. وشيبة. وأبو جعفر بخلاف عنه، وعبد الوارث عن أبي عمرو. وهارون بن موسى عن الجحدري، وبسام عن هشام * (أتعدانني) * بنونين من غير إدغام ومع فتح الأولى كأنهم فروا من اجتماع الكسرتين والياء ففتحوا للتخفيف، وقال أبو حاتم: فتح النون باطل غلط، وقال بعضهم: فتح نون التثنية لغة رديئة وهون الأمر هنا الاجتماع، وقرأ الحسن. وابن يعمر. والأعمش. وابن مصرف. والضحاك * (أخرج) * مبنيا للفاعل من الخروج * (وقد خلت القرون من قبلي) * أي مضت ولم يخرج منها أحد ولا بعث فالمراد إنكار البعث كما قيل: