تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ١٣٣
فكأنه قيل: إن الزقوم طعام الأثيم.
* (ك المهل يغلى فى البطون) *.
* (كالمهل) * عكر الزيت كما روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وجاء في حديث رواه الحاكم وغيره عن أبي سعيد مرفوعا وفيه " فإذا قرب إلى وجهه - يعني الجهنمي - سقطت فروة وجهه وربما يؤيد بقوله تعالى: * (يوم تكون السماء كالمهل) * (المعارج: 8) مع قوله سبحانه: * (فكانت وردة كالدهان) * (الرحمان: 37) وقال بعض: عكر القطران، وفي رواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الصديد، ومنه ما في حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه ادفنوني في ثوبي هذين فإنما هما للمهل والتراب. وفي رواية أخرى عنه رضي الله تعالى عنه أنه ما أذيب من ذهب أو فضة أو حديد أو رصاص، وروي ذلك عن ابن مسعود، قيل: وسمي ذلك مهلا لأنه يمهل في النار حتى يذوب فهو من المهل بمعنى السكون، وادعى بعضهم الاشتراك وقد جاء استعماله في كل ما سمعت، وقرأ الحسن * (كالمهل) * بفتح الميم وهو لغة فيه، والجار والمجرور أو الكاف في محل رفع خبر مبتدأ محذوف والجملة استئناف لبيان حال الطعام أي هو كالمهل أو مثل المهل، وقوله عز وجل: * (يغلي في البطون) * خبر ثان لذلك المبتدأ، وقيل: حال من الضمير المستتر في الجار والمجرور فيكون وصفا للطعام أيضا؛ وقال أبو عبيد: هو حال من المهل، وقيل: صفة له لأن أل فيه للجنس نحو أمر على اللئيم يسبني ويعتبر داخلا في التشبيه وأنت تعلم أن غليان الطعام في البطن فيه مبالغة أما التشبيه بمهل يغلي في البطن فلا، وقيل كالمهل أو الكاف خبر ثان لإن وجملة * (يغلي في البطون) * حال من الزقوم أو الطعام. وتعقب بأنه منع مجىء الحال من المضاف إليه في غير صور مخصوصة ليس هذا منها ومنع مجيئه من الخبر ومن المبتدأ. وأجيب بأن هذا بناء على جواز مجىء الحال من الخبر ومن المبتدأ والمضاف إليه المبتدأ في حكمه وأن ما ذكر من الصور التي يجىء الحال فيها من المضاف إليه لأن المضاف كالجزء في جواز إسقاطه، ولا يخفى أنه بناء على ضعيف، وقيل: كالمهل خبر ثان والجملة حال من ضمير الشجرة المستتر فيه، والتذكير باعتبار كونها طعام الأثيم أو لاكتسابها إياه مما أضيفت إليه نظير ما سمعت في البيت آنفا وهو تكلف مستغنى عنه، وقيل: الجملة على ذلك خبر مبتدأ محذوف هو ضمير الطعام أو الزقوم فإن كانت الجملة حينئذ مستأنفة فالبحث هين وإن كانت حالة عاد ما مر آنفا ولا أراك تظنه هينا، وقيل: كالمهل حال من طعام وحاله معلوم، وبالجملة الوجوه في إعراب الآية كثيرة وأنا أختار منها ما ذكرته أولا.
وقرأ عمرو بن ميمون. وأبو رزين. والأعرج. وأبو جعفر. وشيبة. وابن محيصن. وطلحة. والحسن في رواية. وأكثر السبعة * (تغلي) * بالتاء الفوقية فكالمهل خبر ثان لإن وجملة * (تغلي) * خبر ثالث واتحاد المبتدأ والخبر متكفل باتحاد القراءتين معنى فافهم ولا تغفل.
* (كغلى الحميم) *.
* (كغلي الحميم) * صفة مصدر محذوف أي غليا كغلي الحميم، وجوز أن يكون حالا، والحميم ما هو في غاية الحرارة.
* (خذوه فاعتلوه إلى سوآء الجحيم) *.
* (خذوه) * على إرادة القول والمقول له الزبانية أي ويقال لهم خذوه * (فاعتلوه) * فجروه بقهر.
قال الراغب: العتل الأخذ بمجامع الشيء وجره بقهر، وبعضهم يعبر بالثوب بدل الشيء وليس ذاك بلازم والمدار على الجر مع الإمساك بعنف.
وقال الأعمش. ومجاهد: معنى * (اعتلوه) * اقصفون كما يقصف الحطب، والظاهر عليه التضمين أو تعلق الجار بخذوه، والمعنى الأول هو المشهور. وقرأ زيد بن علي. والحجازيان. وابن عامر. ويعقوب * (فاعتلوه) *
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»