تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ١٢١
* (أن أدوا إلي عباد الله) * اطلقوهم وسلموهم إلى، والمراد بهم بنو إسرائيل الذين كان فرعون مستعبدهم، والتعبير عنهم بعباد الله تعالى للإشارة إلى أن استعباده إياهم ظلم منه، والأداء مجاز عما ذكر، وهذا كقوله عليه السلام فأرسل معنى بنا إسرائيل ولا تعذبهم وروى ذلك عن ابن زيد ومجاهد. وقتادة أو أدوا إلى حق الله تعالى من الايمان وقبول الدعوة يا عباد الله على أن مفعول * (أدوا) * محذوف وعباد منادى وهو عام لبني إسرائيل والقبط، والأداء بمعنى الفعل للطاعة وقبول الدعوة وروى هذا عن ابن عباس، وأن عليهما قيل مصدرية قبلها حرف جر مقدر متعلق بجاءهم أي بأن أدوا، وتعقب بأنه لا معنى لقولك: جاءهم بالتأدية إلى، وحمله على طلب التأدية إلى لا يخلو عن تعسف ورد بأنه بتقدير القول وهو شائع مطرد فتقديره بأن قال أدوا إلى ولا يخلو عن تكلف ما ومع هذا الأمر مبني على جواز وصل المصدرية بالأمر والنهي وهو غير متفق عليه، نعم إلا صح الجواز.
وقيل: هي مخففة من الثقيلة، وتعقب بأنها حينئذ يقدر معها ضمير الشأن ومفسره لا يكون إلا جملة خبرية وأيضا لا بد أن يقع بعدها النفي أوقد أو السين أو سوف أو لو وأن يتقدمها فعل قلبي ونحوه وأجيب بأن مجيء الرسول يتضمن معنى فعل التحقيق كالأعلام والفصل المذكور غير متفق عليه، فقد ذهب المبرد تبعا للبغاددة إلى عدم اشتراطه، والقول بأنه شاذ يصان الررن عن مثله غير مسلم واشتراط كون مفسر ضمير الشأن جملة خبرية فيه خلاف على ما يفهم من كلام بعضهم، ولم يذكر في " المغنى " في الباب الرابع في الكلام على ضمير الشأن. إلا اشتراط كون مفسره جملة ولم يشترط فيها الخبرية ولم يتعرض لخلاف، نعم قال في الباب الخامس: النوع الثامن اشتراطهم في بعض الجملة الخبرية وفي بعضها الإنشائية وعد من الأول خبر إن وضمير الشأن لكنه قال بعد: وينبغي أن يستثني من ذلل في خبري أن وضمير الشأن خبر أن المفتوحة إذا خففت فإنه يجوز أن يكون جملة دعائية كقوله تعالى: * (والخامسة أن غضب الله عليها) * (النور: 9) في قراءة من قرأ أن وغضب بالفعل والاسم الجليل فاعل.
وحقق بعض الأجلة أن الاخبار عن ضمير الشأن بجملة إنشائية جائز عند الزمخشري أو هي مفسرة وقد تقدم ما يدل على القول دون حروفه لأن مجيء الرسول يكون برسالة ودعوة وكأن التفسير لمتعلقه المقدر أي جاءهم بالدعوة وهي أن ادوا إلى عبار الله * (وإني لكم رسول أمين) *.
* (وأن لا تعلوا على الله إنىءاتيكم بسلطان مبين) *.
* (وأن لا تعلوا على الله) * ولا تستكبروا عليه سبحانه بالاستهانة بوحيه جل شأنه ورسوله عليه السلام * (وأن) * كالتي قبلها، والمعنى على المصدرية بكفكم عن العلو على الله تعالى * (إنى ءاتيكم بسلطان مبين) * تعليل للنهي أي آتيكم بحجة واضحة لا سبيل إلى إنكارها أو موضحة صدق دعواي * (وآتيكم) * على صيغة الفاعل أو المضارع، ولا يخفى حسن ذكر الأمين مع الأداء والسلطان مع العلاء، وذكر أن في الأول ترشيحا للاستعارة المصرحة أو المكنية بجعلهم كأنهم مال للغير في يده أمره بدفعه لمن يؤتمن عليه وفي الثاني تورية عن معنى الملك مرشحة بقوله * (لا تعلوا) * وقرأت فرقة * (أنى) * بفتح الهمزة فقيل هو أيضا على تعليل النهي بتقدير اللام، وقيل: هو متعلق بما دخله النهي نظير قولك لمن غضب من قول الحق له لا تغضب لأن قيل لك الحق.
* (وإنى عذت بربى وربكم أن ترجمون) *.
* (وإني عذت بربي وربكم) * أي التجأت إليه تعالى وتوكلت عليه جل شأنه * (أن ترجمون) * من أن ترجموني أي تؤذوني ضربا أو شتما أو أن تقتلوني، وروى هذا عن قتادة وجماعة قيل. لما قال: أن لا تعلوا على الله توعدوه بالقتل فقال ذلك، وفي " البحر " أن هذا كان قبل أن يخبره عز وجل بعجزهم عن رجمه بقوله
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»