تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ١١٩
أهل العذاب والخذلان لا أهل الإكرام والغفران.
* (يغشى الناس ه‍اذا عذاب أليم) *.
* (ه‍اذا عذاب أليم) *.
* (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) *.
* (ربنا اكشف عنا العذاب أنا مؤمنون) * في موضع نصب بقول مقدر وقع حالا أي قائلين أو يقولون هذا الخ. والإشارة للتفخيم، وقيل: يجوز أن يكون هذا عذاب أليم إخبارا منه عز وجل تهويلا للأمر كما قال سبحانه وتعالى في قصة الذبيح * (إن هذا لهو البلاء المبين) * (الصافات: 106) فهو استئناف أو اعتراض والإشارة بهذا للدلالة على قرب وقوعه وتحققه، وما تقدم أولى، وقوله سبحانه: * (ربنا) * إلى آخره كما صرح به غير واحد من المفسرين وعد منهم بالإيمان إن كشف جل وعلا عنهم العذاب، فكأنهم قالوا: ربنا إن كشفت عنا العذاب آمنا لكن عدلوا عنه إلى ما في المنزل إظهارا لمزيد الرغبة وحملوه على ذلك لما في بعض الروايات أنه لما اشتد القحط بقريش مشى أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وناشده الرحم وواعده أن دعا لهم وزال ما بهم آمنوا والمراد بقوله سبحانه وتعالى.
* (أنى لهم الذكرى وقد جآءهم رسول مبين) *.
* (أنى لهم الذكرى) * نفي صدقهم في الوعد وأن غرضهم إنما هو كشف العذاب والخلاص أي كيف يتذكرون أو من أين يتذكرون بذلك ويفون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب عنهم.
* (وقد جاءهم رسول مبين) * أي والحال أنهم شاهدوا من دواعي التذكر وموجبات الاتعاظ ما هو أعظم من ذلك في إيجابهما حيث جاءهم رسول عظيم الشأن ظاهر أمر رسالته بالآيات والمعجزات التي تخر لها صم الجبال أو مظهر لهم مناهج الحق بذلك.
* (ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون) *.
* (ثم تولوا عنه) * أي عن ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام وهو هو والجملة عطف على قوله تعالى: و * (قد جاءهم) * إلى آخره، وعطفها على قوله سبحانه: * (ربنا) * الخ لأنه على معنى قالوا: * (ربنا) * الخ ليس بذاك، وثم للاستبعاد والتراخي الرتبي وإلا فهم قد تولوا ريثما جاءهم وشاهدوا منه ما شاهدوا مما يوجب الإقبال إليه صلى الله عليه وسلم * (وقالوا) * مع ذلك في حقه عليه الصلاة والسلام.
* (معلم مجنون) * أي قالوا تارة: يعلمه عداس غلام رومي لبعض ثقيف وأخرى مجنون أو يقول بعضهم كذا وآخرون كذا ولم يقل ومجنون بالعطف لأن المقصود تعديد فبائحهم وقرأ زر بن حبيش معلم بكسر اللام فمجنون صفة له وكأنهم أرادوا رسول مجنون وحاشاه ثم حاشاه صلى الله عليه وسلم.
* (إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عآئدون) *.
* (إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون) * جواب من جهته تعالى عن قولهم وأخبار بالعود على تقدير الكشف أي إن كشفنا عنكم العذاب كشفا قليلا أو زمانا قليلا عدتم والمراد على ما قيل عائدون إلى الكفر؛ وأنت تعلم أن عودهم إليه يقتضي إيمانهم وقد مر أنهم لم يؤمنوا وإنما وعدوا الإيمان فإما أن يكون وعدهم منزلا منزلة إيمانهم أو المراد عائدون إلى الثبات على الكفر أو على الإقرار والتصريح به وقال قتادة: هذا توعد بمعاد الآخرة وهو خلاف الظاهر جدا ومن قال: إن الدخان يوم القيامة قال إن قوله سبحانه: * (إنا كاشفوا) * إلى آخره وعد بالكشف على نحو قوله عز وجل: * (ولو ردوا) * لعادوا لما نهوا عنه ومن قال المراد به ما هو من أشراط الساعة قال بإمكان الكشف وعدم انقطاع التكليف عند ظهوره وإن كان من الأشراط بل جاء في
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»