بل نوعه وما يشبهه، والإيراث الإعطاء. وقيل: المراد من إيراثها إياهم تمكينهم من التصرف فيها ولا يتوقف ذلك على رجوعهم إلى مصر كما كانوا فيها أولا، وأخذ جمع بقول الحسن وقالوا لا اعتبار بالتواريخ وكذا الكتب التي بيد اليهود اليوم لما أن الكذب فيها كثير وحسبنا كتاب الله تعالى وهو سبحانه أصدق القائلين وكتابه جل وعلا مأمون من تحريف المحرفين.
* (فما بكت عليهم السمآء والارض وما كانوا منظرين) *.
* (فما بكت عليهم السماء والأرض) * مجاز عن عدم الاكتراب بهلاكهم والاعتداد بوجودهم، وهو استعارة تمثيلية تخييلية شبه حال موتهم لشدته وعظمته بحال من تبكي عليه السماء والأجرام العظام وأثبت له ذلك والنفي تابع للإثبات في التجوز كما حقق في موضعه، وقيل: هي استعارة مكنية تخييلية بأن شبه السماء والأرض بالإنسان وأسند إليهما البكاء أو تمثيلية بأن شبه حالهما في عدم تغير حالهما وبقائهما على ما كانا عليه بحال من لم يبك، وليس بشيء كما لا يخفى على من راجع كلامهم، وقد كثر في التعظيم لمهلك الشخص بكت عليه السماء والأرض وبكته الريح ونحو ذلك، قال يزيد بن مفرغ: الريح يبكي شجوه * والبرق يلمع في غمامه وقال النابغة: بكى حارث الجولان من فقد ربه * وحوران منه خاشع متضائل أراد بهما مكانين معروفين، وقال جرير: لما أتى بخبر الزبير تواضعت * سور المدينة والجبال الخشع وقال الفرزدق يرثي أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز: الشمس طالعة ليست بكاسفة * تبكي عليك نجوم الليل والقمرا يتعجب من طلوع الشمس وكان من حقها أن لا تطلع أو تطلع كاسفة، والنجوم تروى منصوبة ومرفوعة فالنصب على المغالبة أي تغلب الشمس النجوم في البكاء نحو باكيته فبكيته، قال جار الله: كان رضي الله تعالى عنه يتهجد بالليل فتبكيه النجوم ويعدل بالنهار فتبكيه الشمس والشمس غالبة في البكار لأن العدل أفضل من صلاة الليل، والجوهري جعلها منصوبة بكاسفة أي لا تكسف ضوء النجوم لكثرة بكائها وكأنه جعل خفاء النجوم تحت ضوء الشمس كسفا لها مجازا، وفيه أن الكسف بالمعنى المذكور غير واضح وتخلل تبكي غير مستفصح وفي " حواشي الصحاح " الشمس كاسفة ليست بطالعة.
وفيها أن نجوم الليل ظرف أي طول الدهر كأنه من باب آتيك الشمس والقمر أي وقتهما كأنه قيل: تبكي ما يطلع النجوم والقمر، وفيه أن مثل هذا الظرف مسموع لا يثبت إلا بثبت فكيف يعدل إليه مع المعنى الواضح، وقيل: التقدير تبكي بكاء النجوم فحذف المضاف. وفيه أنه مما لا يكاد يفهم، والرفع واضح والقمر منصوب على أنه مفعول معه وهذا استطراد دعانا إليه شهرة البيت مع كثرة الخبط فيه.
وأخرج الترمذي. وجماعة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب يصعد مه علمه وباب ينزل منه رزقه فالمؤمن إذا مات فقداه وبكيا عليه وتلا هذه الآية: * (فما بكت عليهم السماء والأرض) * " وذكر أنهم لم يكونوا يعملون على وجه الأرض عملا صالحا فتفقدهم فتبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم.