زيد بن علي فيما ذكر الزمخشري عنه * (نفرق) * بالنون * (كل) * بالنصب وفيما ذكر أبو علي الأهوازي عنه بفتح الياء وكسر الراء ونصب * (كل) * ورفع * (حكيم) * على أنه الفاعل بيفرق، وقرأ الحسن. وزائدة عن الأعمش * (يفرق) * بالتشديد وصيغة المفعول وهو للتكثير وفيه رد على قول بعض اللغويين كالحريري أن الفرق مختص بالمعاني والتفريق بالأجسام.
* (أمرا من عندنآ إنا كنا مرسلين) *.
* (أمرا من عندنا) * نصب على الاختصاص وتنكيره للتفخيم، والجار والمجرور في موضع الصفة له وتعلقه بيفرق بيس بشيء، والمراد بالعندية أنه على وفق الحكمة والتدبير أي أعني بهذا الأمر أمرا فخيما حاصلا على مقتضى حكمتنا وتدبيرنا وهو بيان لزيادة فخامته ومدحه، وجوز كونه حالا من ضمير أمر السابق المستتر في حكيم الواقع صفة له أو من * (أمر) * نفسه، وصح مجىء الحال منه مع أنه نكرة لتخصصه بالوصف على أن عموم النكرة المضاف إليها كل مسوغ للحالية من غير احتياج الوصف، وقول السمين: إن فيه القول بالحال من المضاف إليه في غير المواضع المذكورة في النحو صادر عن نظر ضعيف لأنه كالجزء في جواز الاستغناء عنه بأن يقال: يفرق أمر حكيم على إرادة عموم النكرة في الإثبات كما في قوله تعالى: * (علمت نفس ما أحضرت) * (التكوير: 14) وقيل: حال من * (كل) * وأيا ما كان فهو مغاير لذي الحال لوصفه بقوله تعالى: * (من عندنا) * فيصح وقوعه حالا من غير لغوية فيه.
وكونها مؤكدة غير متأت مع الوصفية كما لا يخفى على ذي الذهن السليم، وهو على هذه الأوجه واحد الأمور وجوز أن يراد به الأمر الذي هو ضد النهي على أنه واحد الأوامر فحينئذ يكون منصوبا على المصدرية لفعل مضمر من لفظه أي أمرنا أمرا من عندنا، والجملة بيان لقوله سبحانه: * (يفرق) * الخ، وقيل: إما أن يكون نصبا على المصدرية ليفرق لأن كتب الله تعالى للشيء إيجابه وكذلك أمره عز وجل به كأنه قيل: يؤمر بكل شأن مطلوب على وجه الحكمة أمرا فالأمر وضع موضع الفرقان المستعمل بمعنى الأمر، وإما أن يكون على الحالية من فاعل * (أنزلنا) * أو مفعوله أي إنا أنزلناه آمرين أمرا أو حال كون الكتاب أمرا يجب أن يفعل؛ وفي جعل الكتاب نفس الأمر لاشتماله عليه أيضا تجوز فيه فخامة، وتعقب ذلك في " الكشف " فقال: فيه ضعف للفصل بالجملتين بين الحال وصاحبها على الثاني ولعدم اختصاص الأوامر الصادرة منه تعالى بتلك الليلة على الأول.
ووجهه أن تخص بالقرآن ولا يجعل قوله تعالى: * (فيها يفرق) * علة للإنزال في الليلة بل هو تفصيل لما أجمل في قوله سبحانه: * (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) * (الدخان: 3) على معنى فيها أنزل الكتاب المبين الذي هو المشتمل على كل مأمور به حكيم كأنه جعل الكتاب كله أمرا أو ما أمر به كل المأمورات وفيه مبالغة حسنة، ولا يخفى أن في فهمه من الآية تكلفا.
وقال الخفاجي في أمر الفصل: إنه لا يضر ذلك الفاصل على الاعتراض وكذا على التعليل لأنه غير أجنبي.
وجوز بعضهم على تقدير أن يراد بالأمر ضد النهي كونه مفعولا له والعامل فيه * (يفرق) * أو * (أنزلنا) * أو * (منذرين) *.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما * (أمر) * بالرفع وهي تنصر كون انتصابه في قراءة الجمهور على الاختصاص لأن الرفع عليه فيها؛ وقوله تعالى:
* (إنا كنا مرسلين) *.
* (رحمة من ربك إنه هو السميع العليم) *.
* (رحمة من ربك) * تعليل ليفرق أو لقوله تعالى: * (أمرا من عندنا) * ورحمة مفعول به لمرسلين وتنوينها للتفخيم، والجار والمجرور في موضع الصفة لها، وإيقاع الإرسال عليها هنا كإيقاعه عليها في قوله سبحانه: * (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده) * (فاطر: 2) والمعنى على ما في " الكشاف " يفصل في هذه الليلة كل أمر لأن من عادتنا أن نرسل رحمتنا وفصل كل أمر من قسمة الأرزاق وغيرها من باب الرحمة أي أن المقصود الأصلي بالذات من ذلك الرحمة