تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ١٠٩
وأفعالهم وقيله يا رب الخ وليس بشيء، وقيل: هو على العطف على مفعول يعلمون أعني الحق أي يعلمون الحق وقيل الخ، وهو قول لا يكاد يعقل، وعن الأخفش أنه على العطف على * (سرهم ونجواهم) * ورد بأنه ليس بقوى في المعنى مع وقوع الفصل بما لا يحسن اعتراضا ومع تنافر النظم. وتعقب أن ما ذكر من الفصل ظاهر وأما ضعف المعنى وتنافر النظم فغير مسلم لأن تقديره أم يحسبون أنه لا نسمع سرهم ونجواهم وانا لا نسمع قيله الخ وهو منتظم أتم انتظام، وعنه أيضا أنه على اضمار فعل من القيل ناصب له على المصدرية والتقدير قال قيله ويؤيده قراءة ابن مسعود دوقال الرسول) * والجملة معطوفة على ما قبلها. ورد بأنه لا يظهر فيه ما يحسن عطفه على الجملة قبله وليس التأكيد بالمصدر في موقعه ولا ارتباط لقوله تعالى: * (فاصفح) * به، وقال العلامة الطيبي: في توجيهه إن قوله تعالى: * (ولئن سألتهم) * تقديره وقلنا لك: ولئن سألتهم الخ وقلت: يا رب يأسا من إيمانهم وإنما جعل غائبا على طريق الالتفات لأنه كأنه صلى الله عليه وسلم فاقد نفسه للتحزن عليهم حيث لم ينفع فيهم سعيه واحتشاده، وقيل: الواو على هذا الوجه للحال وقال بتقدير قد والجملة حالية أي فاني يؤفكون وقد قال الرسول يا رب الخ، وحاصله فإني يؤفكون وقد شكا الرسول عليه الصلاة والسلام اصرارهم على الكفر وهو خلاف الظاهر، وقيل: الرفع على الابتداء والخبر يا رب إلى لا يؤمنون أو هو محذوف أي مسمون أو متقبل فملة النداء وما بعده في موضع نصب بقيله والجملة حال أو معطوفة، ولا يخفى ما في ذلك، والأوجه عندي ما نسب إلى الزجاج، والاعتراض عليه بالفصل هين، وبضعف المعنى والتنافر غير مسلم، ففي الكشف بعد ذكر تخريج الزجاج الجر أن الفاصل أعني من قوله تعالى: * (وإليه ترجعون - إلى - يؤفكون) * (الزخرف: 85 - 87) يصلح اعتراضا لأن قوله سبحانه * (وعنده علم الساعة) * (الزخرف: 85) مرتبط بقوله تعالى: * (حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون) * (الزخرف: 83) على ما لا يخفى، والكلام مسوق للوعيد البالغ بقوله تعالى: * (وإليه ترجعون) * إلى قوله عز وجل: * (وهم يعلمون) * (الزخرف: 86) متصل بقوله تعالى: * (وعنده علم الساعة) * (الزخرف: 85) اتصال العصا بلحاها، وقوله تعالى: * (ولئن سألتهم) * خطاب لمن يتأنى منه السؤال تتميم لذلك الكلام باستحقاقهم ما أوعدوه لعنادهم البالغ، ومنه يظهر وقوع التعجب في قوله سبحانه: * (فأني يؤفكون) * وعلى هذا ظهر ارتباط وعلم قيله بقوله تعالى: * (وعنده علم الساعة) * وأن الفاصل متصل بهما اتصالا يجل موقعه، ومن هذا التقرير يلوح أن ما ذهب إليه الزجاج في الأوجه الثلاثة حسن، ولك أن ترجحه على ما ذهب إليه الأخفش بتوافق القراءتين، وأن حمل * (ولئن سألتهم) * على الخطاب المتروك إلى غير معين أوفق بالمقام من حمله على خطابه عليه الصلاة والسلام وسلامته من اضمار القول قبل قوله تعالى: * (ولئن سألتهم) * مع أن السياق غير ظاهر الدلالة عليه اه‍، وهو أحسن ما رأيته للمفسرين في هذا المقام. وقرأ أبو قلابة * (يا رب) * بفتح الباء ووجه ظاهر.
* (فاصفح عنهم وقل سل‍ام فسوف يعلمون) *.
* (فاصفح) * فأعرض * (عنهم) * ولا تطمع في إيمانهم، وأصل الصفح لي صفحة العنق فكنى به عن الإعراض.
* (وقل) * لهم * (سلام) * أي امرى سلام تسلم منكم ومتاركة فليس ذلك أمرا بالسلام عليهم والتحية وإنما هو أمر بالمتاركة، وحاصله إذا أبيتم القبول فأمري التسلم منكم، واستدل بعضهم بذلك على جواز السلام على الكفار وابتدائهم بالتحية، أخرج ابن أبي شيبة. عن شعيب بن الحبحاب قال: كنت مع علي بن عبد الله البارقي فمر علينا يهودي أو نصراني فسلم عليه قال شعيب: فقلت: إنه يهودي أو نصراني فقرأ على آخر سورة الزخرف * (وقيله يا رب) * إلى الآخر، وأخرج ابن أبي شيبة أيضا عن عون بن عبد الله أنه قال قلت لعمر بن عبد العزيز كيف
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»