تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ١٠٥
وفي الكشف أن في الآية مبالغة من حيث أنه جعل الممكن في نفسه أعني عبادته عليه الصلاة والسلام لما يدعونه ولدا محالا فهو نفي لعبادة الولد على أبلغ وجه حيث جعل مسببا عن محال ثم نفي للولد كذلك من طريق آخر وهو أنه لما لم يعبد صلى الله عليه وسلم الولد مع كونه أولى بعبادته لو كان دل على نفيه، ونحوها ذكر في الآية مرويا عن قتادة. والسدى. والطبري.
وأخرج عبد الرزاق. وعبد بن حميد. وابن جرير عن مجاهد أن المعنى قل إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول من عبد الله تعالى وحده وكذبكم بما تقولون فالمراد من كونه عليه الصلاة والسلام أول العابدين كونه صلى الله عليه وسلم من ينكر ذلك عليهم، والملازمة في الشرطية باعتبار أن نسبتهم الولد له تعالى تقتضي أن يكذبهم النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكون أول من ينكره لأنه صاحب الدعوة إلى التوحيد، وقد خفى ذلك على الإمام فنفى صحة هذا الوجه، وتكلف بعضهم فقال: إن تسبب الجزاء عن الشرط عليه باعتبار الأولية في العبادة والتوحيد من بينهم فإنهم إذا أطبقوا على ذلك الزعم يكون النبي صلى الله عليه وسلم أولهم في عبادة الله تعالى وحده لا محالة، وقيل: إن السببية باعتبار الأخبار والذكر نحو أن تضربني فأنا لا أضربك وهو أولى مما قبله، والإنصاف أن الارتباط خفي لا يظهر إلا لمجاهد، وحكى أبو حاتم عن جماعة ولم يسم أحدا منهم أن * (العابدين) * من عبد يعبد كفرح يفرح إذا أنف من الشيء، ومنه قوله: وأعبد أن اهجو كليبا بدارم وقول الآخر: متى ما يشأ ذو الود يصرم خليله * ويعبد عليه لا محالة ظالما أي أن كان للرحمن ولد فأنا أول الآنفين من الولد أو من كونه لله سبحانه ونسبته له عز وجل. وروي نحو هذا عن ابن عباس أخرج الطستي عنه أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى: * (فأنا أول العابدين) * فقال: أنا أول من ينفر عن أن يكون لله تعالى ولد، وأيد ذلك بقراءة السلمي. واليماني * (العبدين) * جمع عبد كحذر وحذرين وهو المعروف في معنى أنف وقلما يقال فيه فابد، ومن هنا ضعف ابن عرفة هذا الوجه لما فيه من استعمال ما قل استعماله في كلامهم، وذكر الخليل في كتاب " العين " أنه قرىء * (العبدين) * بسكون الباء تخفيف العبدين بكسرها، وقال أبو حاتم: العبد بكسر الباء الشديد الغضب، وقال أبو عبيدة: العرب تقول عبدني حقي أي جحدني، وروي عن الحسن. وابن زيد. وزهير بن محمد وهو رواية عن ابن عباس. وقتادة. والسدى أيضا أن * (إن) * نافية أي ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال ذلك وعبد ووحد، و * (كان) * عليه للاستمرار والمقصود استمرار النفي لا نفي الاستمرار والفاء للسببية. وتعقب بأنه خلاف الظاهر مع خفاء وجه السببية أو حسنها، وزعم مكي أنه لا يجوز لا يهامه نفي الولد فيما مضى وهو كما ترى.
وقرأ عبد الله. وابن وثاب. وطلحة. والأعمش. وحمزة. والكسائي كما قال القاضي * (ولد) * بضم الواو وسكون اللام جمع ولد بفتحهما.
* (سبح‍ان رب السم‍اوات والارض رب العرش عما يصفون) *.
* (سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون) * أي عن وصفهم أو الذي يصفونه
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»