إن تك عن أحسن الصنيعة مأ * فوكا ففي آخرين قد أفكوا وفي " البحر " لا حاجة للتضمين مع صحة معنى في، وتنكير * (أمم) * للتكثير أي في أمم كثيرة * (قد خلت) * أي مضت * (من قبلهم من الجن والانس) * على الكفر والعصيان كدأب هؤلاء * (إنهم كانوا خاسرين) * تعليل لاستحقاقهم العذاب والضمير لهم وللأمم، وجوز كونه لهم بقرينة السياق.
* (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهاذا القرءان والغوا فيه لعلكم تغلبون) *.
* (وقال الذين كفروا) * من رؤساء المشركين لأعقابهم أو قال بعضهم لبعض: * (لا تسمعوا لهذا القرءان) * أي لا تنصتوا له.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته فكان المشركون يطردون الناس عنه ويقولون: لا تسمعوا لهذا القرآن * (والغوا فيه) * وأتوا باللغو عند قراءته ليتشوش على القارىء، والمراد باللغو ما لا أصل له وما لا معنى له، وكان المشركون عند قراءته عليه الصلاة والسلام يأتون بالمكاء والصفير والصياح وإنشاد الشعر والأراجيز، وقال أبو العالية: أي قعوا فيه وعيبوه، وفي كتاب ابن خالويه قرأ عبد الله بن بكر السهمي. وقتادة. وأبو حيوة. وأبو السمال. والزعفراني. وابن أبي إسحاق. وعيسى بخلاف عنهما * (والغوا) * بضم الغين مضارع لغا بفتحها وهما لغتان يقال لغى يلغي كرضى يرضي ولغا يلغو كعدا يعدو إذا هذى، وقال صاحب اللوامح: يجوز أن يكون الفتح من لغى بالشيء يلغي به إذا رمى به فيكون * (فيه) * بمعنى به أي ارموا به وانبذوه * (لعلكم تغلبون) * أي تغلبونه على قراءته أو تطمون أمره وتميتون ذكره.
* (فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذى كانوا يعملون) *.
* (فلنذيقن الذين كفروا) * أي فوالله لنذيقن هؤلاء القائلين، والإظهار في مقام الإضمار للإشعار بالعلية أو جميع الكفار وهم يدخلون فيه دخولا أوليا.
* (عذابا شديدا) * لا يقادر قدره * (ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون) * أي جزاء سيآت أعمالهم التي هي في أنفسها أسوأ - فأفعل - للزيادة المطلقة، وقيل: إنه سبحانه لا يجازيهم بمحاسن أعمالهم كإغاثة الملهوفين وصلة الأرحام وقرى الأضياف لأنها محبطة بالكفر، والعذاب إما في الدارين أو في إحداهما، وعن ابن عباس عذابا شديدا يوم بدر وأسوأ الذي كانوا يعملون في الآخرة.
* (ذلك جزآء أعدآء الله النار لهم فيها دار الخلد جزآء بما كانوا بااياتنا يجحدون) *.
* (ذلاك) * إشارة إلى ما ذكر من الجزاء وهو مبتدأ وقوله تعالى: * (جزاء أعداء الله) * خبره أي ما ذكر من الجزاء جزاء معد لأعدائه تعالى، وقوله سبحانه: * (النار) * عطف بيان لجزاء أو بدل أو خبر لمبتدأ محذوف.
وجوز أن يكون ذلك خبر مبتدأ محذوف أي الأمر ذلك و * (جزاء) * مبتدأ و * (النار) * خبره، والإشارة حينئذ إلى مضمون الجملة السابقة، وقوله تعالى: * (لهم فيها دار الخلد) * جملة مستقلة مقررة لما قبلها، وجوز أن يكون * (النار) * مبتدأ وهذه الجملة خبره أي هي بعينها دار إقامتهم على أن في للتجريد كما قيل: في قوله تعالى: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * (الأحزاب: 21) وقول الشاعر: وفي الله إن لم ينصفوا حكم عدل وهو أن ينتزع من أمر ذي صفة آخر مثله مبالغة فيها، وجوز أن يقال: المقصود ذكر الصفة والدار إنما ذكرت توطئة فكأنه قيل: لهم فيها الخلود، وقيل: الكلام على ظاهره والظرفية حقيقية، والمراد أن لهم في النار المشتملة على الدركات دار مخصوصة هم فيها خالدون والأول أبلغ.