تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٤ - الصفحة ١١٨
الحمل كما في هذا زيد، ولو سلم فالاتحاد مثله في قوله: أنا أبو النجم وشعري شعري مما يدل على الكمال في الحسن كما في هذا المثال أو في القبح كما في الجملة المذكورة، وقيل: المراد منه التعجب والتهكم، وقد يراد من الخبر غير فائدة الخبر ولازمها. واختار بعضهم في الجواب ما أشار إليه ابن هشام في شرح - بانت سعاد - وبسط الكلام فيه من أن الفائدة كما تحصل من الخبر تحصل من صفته وقيده كالحال، وجوز في جملة * (أرداكم) * أن تكون حالا بتقدير قد أو بدونه، والموصول في جميع الأوجه صفة * (ظنكم) * وقيل: الثلاثة أخبار فلا تغفل * (فأصبحتم) * بسبب ذلك الظن السوء الذي أهلككم * (من الخاسرين) * إذ صار ما أعطوا من الجوارح لنيل السعادة في الدنيا والآخرة لأن بها تعيشهم في الدنيا وإدراكهم ما يهتدون به إلى اليقين ومعرفة رب العالمين الموصل للسعادة الأخروية سببا للشقاء في الدارين حيث أداهم إلى كفران نعم الرازق والكفر بالخالق والانهماك في الغفلات وارتكاب المعاصي واتباع الشهوات.
* (فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين) *.
* (فإن يصبروا فالنار مثوى لهم) * أي محل ثواء وإقامة أبدية لهم بحيث لا براح لهم منها، وترتيب الجزاء على الشرط لأن التقدير إن يصبروا والظن أن الصبر ينفعهم لأنه مفتاح الفرج لا ينفعهم صبرهم إذا لم يصادف محله فإن النار محلهم لا محالة، وقيل: في الكلام حذف والتقدير أو لا يصبروا كقوله تعالى: * (اصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم) * (الطور: 16) وقيل: المراد فإن يصبروا على ترك دينك واتباع هواهم فالنار مثوى لهم وليس بذاك، والالتفات للإيذان باقتضاء حالهم أن يعرض عنهم ويحكي سوء حالهم للغير أو للإشعار بإبعادهم عن حيز الخطاب وإلقائهم في غيابة دركات النار * (وإن يستعتبوا) * أي يسألوا العتبى وهي الرجوع إلى ما يحبونه جزعا مما هم فيه * (فما هم من المعتبين) * أي المجابين إليها.
وقال الضحاك: المراد إن يعتذروا فما هم من المعذورين: وقرأ الحسن. وعمرو بن عبيد. وموسى الأسواري * (وإن يستعتبوا) * مبنيا للمفعول * (فما هم من المعتبين) * اسم فاعل أي إن طلب منهم أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون ولا يكون ذلك لأنهم قد فارقوا الدنيا دار الأعمال كما قال صلى الله عليه وسلم: " ليس بعد الموت مستعتب " ويحتمل أن تكون هذه القراءة بمعنى قوله عز وجل: * (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) * (.
* (وقيضنا لهم قرنآء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول فىأمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خ‍اسرين) *.
* (وقيضنا لهم) * أي قدرنا، وفي " البحر " أي سببنا لهم من حيث لم يحتسبوا وقيل: سلطنا ووكلنا عليهم * (قرناء) * جمع قرين أي أخدانا وأصحابا من غواة الجن، وقيل: منهم ومن الإنس يستولون عليهم استيلاء القيض وهو القشر على البيض، وقيل: أصل القيض البدل ومنه المقايضة للمعاوضة فتقييض القرين للشخص إما لاستيلائه عليه أو لأخذه بدلا عن غيره من قرنائه * (فزينوا لهم) * حسنوا وقرروا في أنفسهم * (ما بين أيديهم) * قال ابن عباس: من أمر الآخرة حيث ألقوا إليهم أنه لا جنة ولا نار ولا بعث * (وما خلفهم) * من أمر الدنيا من الضلالة والكفر واتباع الشهوات، وقال الحسن: ما بين أيديهم من أمر الدنيا وما خلفهم من أمر الآخرة، وقال الكلبي: ما بين أيديهم أعمالهم التي يشاهدونها وما خلفهم ما هم عاملوه في المستقبل ولكل وجهة. ولعل الأحسن ما حكي عن الحسن * (وحق عليهم القول) * أي ثبت وتقرر عليهم كلمة العذاب وتحقق موجبها ومصداقها وهي قوله تعالى لإبليس: * (فالحق والحق أقول * لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) * (ص: 84، 85).
* (في أمم) * حال من الضمير المجرور أي كائنين في جملة أمم، وقيل: * (في) * بمعنى مع ويحتمل المعنيين قوله:
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»