تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٤ - الصفحة ١١٤
وعاصم. وروي عن ابن عباس * (ثمودا) * بالنصب والتنوين، وروى المفضل عن عاصم الوجهين والمنع عن الصرف للعلمية والتأنيث على إرادة القبيلة، ومن صرفه جعله اسم رجل، والنصب على جعله من باب الإضمار على شريطة التفسير، ويقدر الفعل الناصب بعده لأن أما لا يليها في الغالب إلا اسم. وقرىء بضم الثاء على أنه جمع ثمد وهو قلة الماء فكأنهم سموا بذلك لأنهم كانوا يسكنون في الرمال بين حضرموت وصنعاء وكانوا قليلي الماء * (فأخذتهم صاعقة العذاب الهون) * أي الذي وهو صفة للعذاب أو بدل منه، ووصفه به مصدرا للمبالغة وكذا إضافة صاعقة إلى العذاب فيفيد ذلك أن عذابهم عين الهون وأن له صاعقة، والمراد بالصاعقة النار الخارجة من السحاب كما هو المعروف، وسبب حدوثها العادي مشهور في كتب الفلسفة القديمة وقد تكلم في ذلك أهل الفلسفة الجديدة المتداولة اليوم في بلاد الروم وما قرب منها فقالوا في كيفية انفجار الصاعقة: من المعلوم أن انطلاق الكهربائية التي في السحاب وهي قوة مخصوصة في الأجسام نحو قوة الكهرباء التي بها تجذب التبنة ونحوها إليها إنما يحصل باتحاد كهربائية الأجسام مع بعضها فإذا قرب السحاب من الأجسام الأرضية طلبت الكهربائية السحابية أن تتحد بالكهربائية الأرضية فتتبجس بينهما شرارة كهربائية فتصعق الأجسام الأرضية، وتتفاوت قوة الصاعقة باختلاف الاستحالة البخارية فليست في جميع البلاد والفصول واحدة، وأوضحوا ذلك بكلام طويل من أراده فليرجع إليه في كتبهم، وقيل: المراد بالصاعقة هنا الصيحة كما ورد في آيات أخر، ولا مانع من الجمع بينهما.
وقرأ ابن مقسم * (الهوان) * بفتح الهاء وألف بعد الواو * (بما كانوا يكسبون) * من اختيار الضلالة على الهدى، وهذا تصريح بما تشعر به الفاء.
* (ونجينا الذين ءامنوا وكانوا يتقون) *.
* (ونجينا) * من تلك الصاعقة * (الذين ءامنوا وكانوا يتقون) * بسبب إيمانهم واستمرارهم على التقوى، والمراد بها تقوى الله عز وجل، وقيل: تقوى الصاعقة والمتقى عذاب الله تعالى متق لله سبحانه وليس بذاك.
* (ويوم يحشر أعدآء الله إلى النار فهم يوزعون) *.
* (ويوم يحشر أعداء الله إلى النار) * شروع في بيان عقوباتهم الآجلة بعد ذكر عقوباتهم العاجلة، والتعبير عنهم بأعداء الله تعالى لذمهم والإيذان بعلة ما يحيق بهم من ألوان العذاب وقيل: المراد بهم الكفار من الأولين والآخرين.
وتعقب بأن قوله تعالى الآتي: * (في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس) * (فصلت: 25) كالصريح في إرادة الكفرة المعهودين، والمراد من قوله تعالى: * (إلى النار) * قيل: إلى موقف الحساب، والتعبير عنه بالنار للإيذان بأن النار عاقبة حشرهم وأنهم على شرف دخولها، ولا مانع من إبقائه على ظاهره والقول بتعدد الشهادة فتشهد عليهم جوارحهم في الموقف مرة وعلى شفير جهنم أخرى، و * (يوم) * إما منصوب باذكر مقدر معطوف على قوله تعالى: * (فقل أنذرتكم صاعقة) * (فصلت: 13) أو ظرف لمضمر مؤخر قد حذف إيهاما لقصور العبارة عن تفصيله، وقيل: ظرف لما يدل عليه قوله تعالى: * (فهم يوزعون) * أي يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا وهو كناية عن كثرتهم، وقيل: يساقون ويدفعون إلى النار، والفاء تفصيلية. وقرأ زيد بن علي. ونافع. والأعرج. وأهل المدينة * (نحشر) * بالنون * (أعداء) * بالنصب وكسر الأعرج الشين. وقرىء * (يحشر) * على البناء للفاعل وهو الله تعالى ونصب * (أعداء الله) * وقوله تعالى:
* (حتى إذا ما جآءوها شهد عليهم سمعهم وأبص‍ارهم وجلودهم بما كانوا يعملون) *.
* (حتى إذا جاءوها) * أي النار جميعا غاية ليحشر أو ليوزعون أي
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»