الفعلة والخصلة الشريفة التي هي الدفع بالتي هي أحسن فالضمير راجع لما يفهم من السياق، وجوز رجوعه للتي هي أحسن، وحكى مكي أن الضمير لشهادة أن لا إله إلا الله فكأنه أرجع للتي هي أحسن وفسرت بالشهادة المذكورة ومع هذا هو كما ترى، وقيل: الضمير للجنة وليس بشيء.
وقرأ طلحة. وابن كثير في رواية * (وما يلاقاها) * من الملاقاة * (إلا الذين صبروا) * أي الذين فيهم طبيعة الصبر وشأنهم ذلك * (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) * ذو نصيب عظيم من خصال الخير وكمال النفس كما روى عن ابن عباس، وقال قتادة: ذو حظ عظيم من الثواب، وقيل: الحظ العظيم الجنة، وعليهما فهو وعد وعلى الأول هو مدح، وكرر * (وما يلقاها) * تأكيدا لمدح تلك الفعلة الجملة الجليلة ولأوحد أهل عصره الذي بخل الزمان أن يأتي بمثله صالح أفندي كاتب ديوان الإنشاء في الحدباء في هذه الآية عبارة مختصرة التزم الدقة فيها رحمة الله تعالى عليه وهي قوله تعالى: * (وما يلقاها إلا الذين صبروا) * الآية يمكن أن يؤخذ من الأول ما هو من أول الأول لا الثاني للاتفاق فيتحقق الاشرف بعد إعطاء المقام حقه فيتحقق الحابس أنه مجدود فيقف عند الحد المحدود انتهت.
وأراد والله تعالى أعلم أنه يمكن أن يؤخذ من الأول أي قوله تعالى: * (وما يلقاها إلا الذين صبروا) * (فصلت: 35) ومن الثاني وهو قوله سبحانه: * (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) * ما أي شكل هو من أول ضروب الشكل الأول الأربعة وهو قياس منه مركب من موجبتين كليتين ينتج موجبة كلية بأن يقال: كل صابر هو الذي يلقاها وكل من يلقاها فهو ذو حظ عظيم ينتج كل صابر هو ذو حظ عظيم، ولا يمكن أن يؤخذ قياس من الشكل الثاني للاتفاق في الكيف وشرط الشكل الثاني اختلاف المقدمتين فهي كما هو مقرر في محله فيتحقق بعد الأخذ وتركيب المقدمتين الأمر الأشرف أي النتيجة التي هي موجبة كلية وهي أشرف المحصورات الأربع لاشتمالها على الإيجاب الأشرف من السلب والكلية الأشرف من الجزئية بعد إعطاء المقام حقه من جعل الموصول للاستغراق كما أشير إليه ليفيد الكلية فعند ذلك يتحقق ويعلم الحابس أي الصابر أنه مجدود أي ذو جد وحظ فيقف عند الحد المحدود ولا يتجاوز من الصبر إلى غيره.
* (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) *.
* (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ) * النزغ النخس وهو المس بطرف قضيب أو أصبع بعنف مؤلم استعير هنا للوسوسة الباعثة على الشر وجعل نازغا للمبالغة على طريقة جد جد - فمن - على هذا ابتدائية، ويجوز أن يراد به نازغ على أن المصدر بمعنى اسم الفاعل وصفا للشيطان - فمن - بيانية والجار والمجرور في موضع الحال أو هي ابتدائية أيضا لكن على سبيل التجريد، وجوز أن يكون المراد بالنازغ وسوسة الشيطان و * (إن) * شرطية و * (ما) * مزيدة أي وإن ينزغنك ويصرفنك الشيطان عما وصيت به من الدفع بالتي هي أحسن * (فاستعذ بالله) * من شره ولا تعطه * (إنه) * عز وجل * (هو السميع) * فيسمع سبحانه استعاذتك * (العليم) * فيعلم جل شأنه نيتك وصلاحك، وقيل: السمع لقول من أذاك العليم بفعله فينتقم منه مغنيا عن انتقامك، وقيل: العليم بنزغ الشيطان، وفي جعل ترك الدفع من آثار نزغات الشيطان مزيد تحذير وتنفير عنه، ولعل الخطاب من باب إياك أعني واسمعي يا جاره.
وجوز أن يراد بالشيطان ما يعم شيطان الإنس فإن منهم من يصرف عن الدفع بالتي هي أحسن ويقول: