أنه أحبها عن ذكر ربه سبحانه إياها لا لحسنها وكمالها وحاجته إليها إلى آخر ما قال، وقد كان قدس سره معاصرا للإمام وكتب إليه رسالة يرغبه فيها بسلوك طريقة القوم ولم يجتمعا، وغالب الظن أنه لم يأخذ أحدهما من الآخر ما قال في الآية بل لم يسمعه وعلم كل منهما لا ينكر والشيخ بحر لا يدرك قعره، وما ذكره في الاسترواح مما لم أقف عليه لأحد من المفسرين والله تعالى أعلم. وقرأ ابن كثير * (بالسؤق) * بهمزة ساكنة قال أبو علي: وهي ضعيفة لكن وجهها في القياس أن الضمة لما كانت تلي الواو وقدر أنها عليها كما يفعلون بالواو المضمومة حيث يبدلونها همزة، ووجهها من القياس أن اباحية النميري كان يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة وكان ينشد. / جسم] أحب الوافدين إلى مؤسي وقال أبو حيان: ليست ضعيفة لأن الساق فيه الهمزة فوزنه فعل بسكون العين فجاءت هذه القراءة على هذه اللغة. وتعقب بأن همز الساق إبدال على غير القياس إذ لا شبهة في كونه أجوف فلا بد من التوجيه بما تقدم. وقرأ ابن محيصن * (بالسؤوق) * بهمزة مضمومة بعدها واو ساكنة بوزن الفسوق، ورواها بكار عن قنيل وهو جمع ساق أيضا. وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما * (بالساق) * مفردا اكتفى به عن الجمع لأمن اللبس.
* (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) *.
* (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) * أظهر ما قيل في فتنته عليه السلام أنه قال: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله تعالى ولم يقل إن شاء الله فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة وجاءت بشق رجل وقد روى ذلك الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة مرفوعا وفيه: " فوالذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا فراسنا " لكن الذي في " صحيح البخاري " أربعين بدل سبعين وأن الملك قال له: قل إن شاء الله فلم يقل وغايته ترك الأولى فليس بذنب وإن عده هو عليه السلام ذنبا، فالمراد بالجسد ذلك الشق الذي ولد له، ومعنى إلقائه على كرسيه وضع القابلة له عليه ليراه.
وروى الإمامية عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه أنه ولد لسليمان ابن فقالت الجن والشياطين: إن عاش له ولد لنلقين منه من أبيه من البلاء فأشفق عليه السلام منهم فجعله وظئره في السحاب من حيث لا يعلمون فلم يشعر إلا وقد ألقى على كرسيه ميتا تنبيها على أن الحذر لا ينجي من القدر وعوتب على تركه التوكل اللائق بالخواص من ترك مباشرة الأسباب، وروى ذلك عن الشعبي أيضا، ورواه بعضهم عن أبي هريرة على وجه لا يشك في وضعه إلا من يشك في عصمة الأنبياء عليهم السلام، وأنا في صحة هذا الخبر لست على يقين بل ظاهر الآية أن تسخير الريح بعد الفتنة وهو ظاهر في عدم صحة الخبر لأن الوضع في السحاب يقتضي ذلك.
وأخرج عبد بن حميد. والحكيم الترمذي من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أن سليمان عليه السلام احتجب عن الناس ثلاثة أيام فأوحى الله تعالى إليه أن يا سليمان احتجبت عن الناس ثلاثة أيام فلم تنظر في أمور عبادي ولم تنصف مظلوما من ظالم وكان ملكه في خاتمه وكان إذا دخل الحمام وضع خاتمه تحت فراشه فجاء الشيطان فأخذه فأقبل الناس على الشيطان فقال سليمان: يا أيها الناس أنا سليمان نبي الله تعالى فدفعوه فساح أربعين يوما فأتى أهل سفينة فأعطوه حوتا فشقها فإذا هو بالخاتم فيها فتختم به ثم جاء فأخذ بناصيته فقال عند ذلك: * (رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) * (ص: 35).
وأخرج النسائي. وابن جرير. وابن أبي حاتم قال ابن حجر. والسيوطي بسند قوي عن ابن عباس أراد سليمان عليه السلام أن يدخل الخلاء فأعطى الجرادة خاتمه وكانت امرأته وكانت أحب نسائه إليه فجاء الشيطان