وذلك على ما روي عن ابن عباس لأنه الكبش الذي قربه هابيل فتقبل منه وبقي يرعى في الجنة إلى يوم هذا الفداء، وفي رواية عنه وعن ابن جبير أنهما قالا: عظمه كونه من كباش الجنة رعى فيها أربعين خريفا.
وقال مجاهد وصف بالعظم لأنه متقبل يقينا، وقال الحسن بن الفضل: لأنه كان من عند الله عز وجل، وقال أبو بكر الوراق: لأنه لم يكن عن نسل بل عن التكوين؛ وقال عمرو بن عبيد: لأنه جرت السنة به وصار دينا باقيا آخر الدهر، وقيل لأنه فدى به نبي وابن نبي، وهبوطه من ثبير كما قال الحسن في الوعل وجاء ذلك في رواية عن ابن عباس.
وفي رواية عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه وجده عليه السلام قد ربط بسمرة في أصل ثبير. وعن عطاء بن السائب أنه قال: كنت قاعدا بالمنحر فحدثني قرشي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: إن الكبش نزل على إبراهيم في هذا المكان. وفي رواية عن ابن عباس أنه خرج عليه كبش من الجنة قد رعى فيها أربعين خريفا فأرسل إبراهيم عليه السلام ابنه واتبعه فرماه بسبع حصيات وأحرجه عند الجمرة الأولى فأفلت ورماه بسبع حصيات وأحرجه عند الجمرة الوسطى فأفلت ورماه بسبع حصيات وأحرجه عند الجمرة الكبرى فأتى به المنحر من منى فذبح قيل وهذا أصل سنية رمي الجمار، والمشهور أن أصل السنية رمي الشيطان هناك ففي خبر عن قتادة أن الشيطان أراد أن يصيب حاجته من إبراهيم وابنه يوم أمر بذبحه فتمثل بصديق له فأراد أن يصده عن ذلك فلم يتمكن فتعرض لابنه فلم يتمكن فأتى الجمرة فانتفخ حتى سد الوادي ومع إبراهيم ملك فقال له: ارم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر في أثر كل حصاة فافرج له عن الطريق ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثانية فسد الوادي أيضا فقال الملك: ارم يا إبراهيم فرمى كما في الأولى وهكذا في الثالثة، وظاهر الآية أن الفداء كان بحيوان واحد وهو المعروف. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه فدى بكبشين أملحين أقرنين أعينين ولا أعرف له صحة، ويراد بالذبح عليه لو صح الجنس، والفادي على الحقيقة إبراهيم عليه السلام، وقال سبحانه: * (فديناه) * على التجوز في الفداء أي أمرنا أو أعطينا أو في إسناده إليه تعالى، وجوز أن يكون هناك استعارة مكنية أيضا، وفائدة العدول عن الأصل التعظيم.
* (وتركنا عليه فى الاخرين * سلام على إبراهيم) *.
* (وتركنا عليه في الآخرين * سلام على إبراهيم) * سبق ما يعلم منه بيانه عند تفسير نظيره في آخر قصة نوح، ولعل ذكر في العالمين هناك وعدم ذكره هنا لما أن لنوح عليه السلام من الشهرة لكونه كآدم ثان للبشر ونجاة من نجا من أهل الطوفان ببركته ما ليس لإبراهيم عليه السلام.
* (كذلك نجزى المحسنين) *.
* (كذلك نجزي المحسنين) * ذلك إشارة إلى إبقاء ذكره الجميل فيما بين الأمم لا إلى ما يشير إليه فيما سبق فلا تكرار وطرح هنا * (إنا) * قيل مبالغة في دفع توهم اتحاده مع ما سبق كيف وقد سيق الأول تعليلا لجزاء إبراهيم وابنه عليهما السلام بما أشير إليه قبل وسيق هذا تعليلا لجزاء إبراهيم وحده بما تضمنه قوله تعالى: * (وتركنا عليه) * الخ وما ألطف الحذف هنا اقتصارا حيث كان فيما قبله ما يشبه ذلك من عدم ذكر الابن والاقتصار على إبراهيم.
وقيل لعل ذلك اكتفاء بذكر * (أنا) * مرة في هذه القصة، وقال بعض الأجلة: إنه للإشارة إلى أن قصة إبراهيم عليه السلام لم تتم فإن ما بعد من قوله تعالى: * (وبشرناه بإسحق) * (الصافات: 112) الخ من تكملة ما يتعلق به عليه السلام بخلاف سائر القصص التي جعل * (إنا كذلك نجزي المحسنين) * (الصافات: 80) مقطعا لها فإن ما بعد ليس مما يتعلق بما قبل ومع هذا لم تخل القصة من مثل تلك الجملة بجميع كلماتها وسلك فيها هذا المسلك اعتناء بها فتأمل [بم وقوله تعالى:
* (إنه من عبادنا المؤمنين) *.
* (إنه من عبادنا المؤمنين) *