تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٣٣
الكلام فيه كما تقدم.
* (وبشرن‍اه بإسح‍اق نبيا من االص‍الحين) *.
* (وبشرناه بإسح‍اق نبيا) * حال من إسحاق، وكذا قوله تعالى: * (من الصالحين) * وفي ذلك تعظيم شأن الصلاح، وفي تأخيره إيماء إلى أنه الغاية لها لتضمنها معنى الكمال والتكميل، والمقصود منهما الإتيان بالأفعال الحسنة السديدة وهو في الاستعمال يختص بها. وجوز كون * (من الصالحين) * حالا وكون * (نبيا) * حالا من الضمير المستتر فيه، وقدم في اللفظ للاهتمام ولئلا تختل رؤوس الآي وفيه من البعد ما فيه، على أن في جواز تقديم الحال مطلقا أو إطراده في مثل هذا التركيب كلاما لا يخفى على من راجع الألفية وشروحها وفيه ما فيه بعد، وجوز أيضا كونه في موضع الصفة لنبيا والكلام على الأول وهو الذي عليه الجمهور أمدح كما لا يخفى، والمراد كونه نبيا وكونه من الصالحين في قضاء الله تعالى وتقديره أي مقضيا كونه نبيا مقضيا كونه من الصالحين وإن شئت فقل مقدرا ولا يكونان بذلك من الحال المقدرة التي تذكر في مقابلة المقارنة بل هما بهذا الاعتبار حالان مقارنان للعامل وهو فعل البشارة أو شيء آخر محذوف أي بشرناه بوجود إسحاق نبيا الخ، وأوجب غير واحد تقدير ذلك معللا بأن البشارة لا تتعلق بالأعيان بل بالمعاني. وتعقب بأنه إن أريد أنها لا تستعمل إلا متعلقة بالأعيان فالواقع خلافه كبشر أحدهم بالأنثى، فإن قيل إنما يصح بتقدير ولادة ونحوه من المعاني فهو محل النزاع فلا وجه له، والذي يميل إليه القلب أن المعنى على إرادة ذلك، وربما يدعى أن معنى البشارة تستدعي تقدير معنى من المعاني، وقيل هما حالان مقدران كقوله تعالى: * (ادخلوها خالدين) * وفيه بحث.
* (وباركنا عليه وعلى إسح‍اق ومن ذريتهما محسن وظ‍الم لنفسه مبين) *.
* (وباركنا عليه) * أي على إبراهيم عليه السلام * (وعلى إسحاق) * أي أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا بأن كثرنا نسلهما وجعلنا منهم أنبياء ورسلا.
وقرىء * (بركنا) * بالتشديد للمبالغة * (ومن ذريتهما محسن) * في عمله أو على نفسه بالإيمان والطاعة.
* (وظالم لنفسه) * بالكفر والمعاصي ويدخل فيها ظلم الغير * (مبين) * ظاهر ظلمه، وفي ذلك تنبيه على أن النسب لا أثر له في الهدى والضلال وأن الظلم في الأعقاب لا يعود على الأصول بنقيصة وعيب، هذا وفي الآيات بعد أبحاث * (الأول) * أنهم اختلفوا في الذبيح فقال - على ما ذكره الجلال السيوطي في رسالته القول الفصيح في تعيين الذبيح - علي. وابن عمر، وأبو هريرة. وأبو الطفيل. وسعيد بن جبير. ومجاهد. والشعبي. ويوسف بن مهران. والحسن البصري. ومحمد بن كعب القرظي. وسعيد بن المسيب. وأبو جعفر الباقر. وأبو صالح. والربيع بن أنس. والكلبي. وأبو عمرو بن العلاء. وأحمد بن حنبل وغيرهم أنه إسماعيل عليه السلام لا إسحاق عليه السلام وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس ورجحه جماعة خصوصا غالب المحدثين وقال أبو حاتم: هو الصحيح، وفي الهدى أنه الصواب عند علماء الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وسئل أبو سعيد الضرير عن ذلك فأنشد: إن الذبيح هديت إسماعيل * نص الكتاب بذاك والتنزيل شرف به خص الإله نبينا * وأتى به التفسير والتأويل إن كنت أمته فلا تنكر له * شرفا به قد خصه التفضيل وفي دعواه النص نظر وهو المشهور عند العرب قبل البعثة أيضا كما يشعر به أبيات نقلها الثعالبي في تفسير عن أمية بن أبي الصلت واستدل له بأنه الذي وهب لإبراهيم عليه السلام أثر الهجرة وبان البشارة بإسحاق
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»