تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٤٣
اسم أبيه وهذا - كما قال ابن حجر - أصح، وبعض أهل الكتاب يسميه يونان ابن ماثي، وبعضهم يسميه يونه ابن امتياي؛ ولم نقف في شيء من الأخبار على اتصال نسبه، وفي اسمه عند العرب ست لغات تثليث النون مع الواو والياء والهمزة، والقراءة المشهورة بضم النون مع الواو. وقرأ أبو طلحة بن مصرف بكسر النون قيل أراد أن يجعله عربيا مشتقا من أنس وهو كما ترى.
* (إذ أبق إلى الفلك المشحون) *.
* (إذ أبق) * هرب، وأصله الهرب من السيد لكن لما كان هربه من قومه بغير اذن ربه كما هو الأنسب بحال الأنبياء عليهم السلام حسن اطلاقه عليه فهو إما استعارة أو مجاز مرسل من استعمال المقيد في المطلق، والأول أبلغ، وقال بعض الكمل: الاباق الفرار من السيد بحيث لا يهتدي إليه طالب أي بهذا القصد، وكان عليه السلام هرب من قومه بغير اذن ربه سبحانه إلى حيث طلبوه فلم يحده فاستعير الاباق لهربه باعتبار هذا القيد لا باعتبار القيد الأول، وفيه بعد تسليم اعتبار هذا القيد على ما ذكره بعض أهل اللغة أنه لا مانع من اعتبار ذلك القيد فلا اعتبار بنفي اعتباره * (إلى الفلك المشحون) * المملوء.
* (فس‍اهم فكان من المدحضين) *.
* (فساهم) * فقارع عليه السلام من في الفلك واستدل به من قال بمشروعية القرعة * (فكان من المدحضين) * فصار من المغلوبين بالقرعة، وأصله المزلق اسم مفعول عن مقام الظفر.
يروى أنه وعد قومه العذاب وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام فلما كان اليوم الثالث خرج يونس قبل أن يأذن الله تعالى له ففقده قومه فخرجوا بالكبير والصغير والدواب وفرقوا بين كل والدة وولدها فشارف نزول العذاب بهم فعجوا إلى الله تعالى وأنابوا واستقالوا فأقالهم الله تعالى وصرف عنهم العذاب فلما لم يريونس نزول العذاب استحى أن يرجع إليهم وقال: لا أرجع إليهم كذابا أبدا ومضى على وجهه فأتى سفينة فركبها فلما وصلت اللجة وقفت فلم تسر فقال صاحبها. ما يمنعها أن تيسر إلا أن فيكم رجلا مشؤونا فاقترعوا ليلقوا من وقعت عليه القرعة في الماء فوقعت على يونس ثم أعادوا فوقعت عليه ثم أعادوا فوقعت عليه فلما رأى ذلك رمى بنفسه في الماء.
* (فالتقمه الحوت وهو مليم) *.
* (فالتقمه الحوت) * أي ابتلعه من اللقمة، وفي خبر أخرجه أحمد. وغيره عن ابن مسعود أنه أتى قوما في سفينة فحملوه وعرفوه فلما دخلها ركدت والسفن تسير يمينا وسمالا فقال: ما بال سفينتكم؟ قالوا: ما ندري قال: ولكني أدري إن فيها عبدا آبق من ربه وإنها والله لا تسير حتى تلقوه قالوا: أما أنت والله يا نبي الله فلا نلقيك فقال لهم: اقترعوا فمن قرع فليلق فاقترعوا ثلاث مرات وفي كل مرة تقع القرعة عليه فرمى بنفسه فكان ما قص الله تعالى. وكيفية اقتراعهم على ما في البحر عن ابن مسعود أنهم أخذوا لكل سهما على أن من طفا سهمه فهو ومن غرق سهمه فليس إياه فطفا سهم يونس. وروي أنه لما وقف على شفير السفينة ليرمي بنفسه رأى حوتا - واسمه على ما أخرج ابن أبي حاتم وجماعة عن قتادة نجم - قد رفع رأسه من المار قدر ثلاثة أذرع يرقبه ويترصده فذهب إلى ركن آخر فاستقبله الحوت فانتقل إلى آخر فوجده وهكذا حتى استدار بالسفينة فلما رأى ذلك عرف أنه أمر من الله تعالى فطرح نفسه فأخذه أن يصل إلى الماء * (وهو مليم) * أي داخل في الملامة على أن بناء افعل للدخول في الشيء نحو أحرم إذا دخل الحرم أو آت بما يلام عليه على أن الهمزة فيه للصيرورة نحو أغد البعير أي صار ذا غدة فهو هنا لما أتى بما يستحق اللوم عليه صار ذا لوم أو مليم نفسه على أن الهمزة فيه للتعدية نحو أقدمته والمفعول محذوف، وما روي عن ابن عباس. ومجاهد من تفسيره
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»