تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٢٠
خزائن العدم يكون بعد تعلقه فإن القدرة إنما تتعلق بالشيء بعد العلم فالشيء يعلم ثم يراد ثم تعلق القدرة بإيجاده فيوجد، ولا يخفى ما في هذا التفسير من ارتكاب خلاف الظاهر وعليه فلا كلام في العموم، نعم في كيفية وجود الأشياء في علمه تعالى كلام طويل محله كتب الكلام. وعن الحسن أنه أريد به صحف الأعمال وليس بذاك. وحكى لي عن بعض غلاة الشيعة أن المراد بالإمام المبين علي كرم الله تعالى وجهه وإحصاء كل شيء فيه من باب:
ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد ومنهم من يزعم أن ذلك على معنى جعله كرم الله تعالى وجهه خزانة للمعلومات على نحو اللوح المحفوظ، ولا يخفى ما في ذلك من عظيم الجهل بالكتاب الجليل نسأل الله تعالى العفو والعافية، ويمكن أن يقال: إنهم أرادوا بذلك نحو ما أراده المتصوفة في إطلاقهم الكتاب المبين على الإنسان الكامل اصطلاحا منهم على ذلك فيهون أمر الجهل، وكمال علي كرم الله تعالى وجهه لا ينكره إلا ناقص العقل عديم الدين.
وقرأ أبو السمال * (وكل) * بالرفع على الابتداء.
* (واضرب لهم مثلا أصح‍ابالقرية إذ جآءها المرسلون) *.
* (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية) * إما عطف على ما قبله عطف القصة على القصة وأما عطف على مقدر أي فأنذرهم واضرب لهم الخ، وضرب المثل يستعمل تارة في تطبيق حالة غريبة بأخرى مثلها كما في قوله تعالى: * (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح) * (التحريم: 10) الآية وأخرى في ذكر حالة غريبة وبيانها للناس من غير قصد إلى تطبيقها بنظيرة لها كما في قوله تعالى: * (وضربنا لكم الأمثال) * (إبراهيم: 45) في وجه أي بينا لكم أحوالا بديعة هي في الغرابة كالأمثال. فالمعنى على الأول اجعل أصحاب القرية مثلا لهؤلاء في الغلو في الكفر والإصرار على التكذيب أي طبق حالهم بحالهم على أن * (مثلا) * مفعول ثان لا ضرب * (وأصحاب القرية) * مفعول الأول أخر عنه ليتصل به ما هو شرحه وبيانه، وعلى الثاني اذكر وبين لهم قصة هي في الغرابة كالمثل، وقوله سبحانه: * (أصحاب القرية) * بتقدير مضاف أي مثل أصحاب القرية وهذا المضاف بدل كل من كل أو عطف بيان له على القول بجواز اختلافهما تعريفا وتنكيرا، وجوز أن يكون المقدر مفعولا وهذا حالا.
والقرية كما روى عن ابن عباس. وبريدة. وعكرمة انطاكية، وفي " البحر " إنها هي بلا خلاف.
* (إذ جاءها المرسلون) * بدل اشتمال * (من أصحاب القرية) * أو ظرف للمقدر، وجوز أن يكون بدل كل من * (أصحاب) * مرادا بهم قصتهم وبالظرف ما فيه وهو تكلف لا داعي إليه، وقيل، إذ جاءها دون إذ جاءهم إشارة إلى أن المرسلين أتوهم في مقرهم، والمسلون عند قتادة. وغيره من أجلة المفسرين رسل عيسى عليه السلام من الحواريين بعثهم حين رفع إلى السماء، ونسبة إرسالهم إليه تعالى في قوله سبحانه:
* (إذ أرسلنآ إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنآ إليكم مرسلون) *.
* (إذ أرسلنا إليهم اثنين) * بناء على أنه كان بأمره تعالى لتكميل التمثيل وتتميم التسلية، وقال ابن عباس. وكعب. هم رسل الله تعالى: واختاره بعض الأجلة وادعى أن الله تعالى أرسلهم ردءا لعيسى عليه السلام مقررين لشريعته كهرون لموسى عليهما السلام، وأيد بظاهر * (إذ أرسلنا إليهم اثنين) * وقول المرسل إليهم * (ما أنتم إلا بشر مثلنا) * (يس: 15) إذ البشرية تنافى على زعمهم الرسالة من الله تعالى لا من غيره سحبانه، واستدل البعض على ذلك بظهور المعجزة كإبراء الأكمه وإحياء الميت على أيديهم كما جاء في بعض الآثار والمعجزة مختصة بالنبي على ما قرر في
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»