تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٠٩
كحفظ الصحة ومن لم يقو إيمانه به كان حاله على العكس فشابه الاعتراف به بالقلب الذي يصلاحه يصلح البدن وبفساده يفسد، وجوز أن يقال وجه الشبه بالقلب أن به صلاح البدن وفساده وهو غير مشاهد في الحسن وهو محل لانكشاف الحقائق والأمور الخفية وكذا الحشر من المغيبات وفيه يكون انكشاف الأمور والوقوف على حقائق المقدور وبملاحظته وإصلاح أسبابه تكون السعادة الأبدية وبالأعراض عنه وإفساد أسبابه يبتلي بالشقاوة السرمدية. وفي الكشف لعل الإشارة النبوة في تسمية هذه السورة قلبا وقلب كل شيء لبه وأصله الذي ما سواه إما من مقدماته وإما من متمماته إلى ما أسلفناه في تسمية الفاتحة بأم القرآن من أن المقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب إرشاد العباد إلى غايتهم الكمالية في المعاد وذلك بالتحقق والتخلق المذكورين هنالك وهو المعبر عنه بسلوك الصراط المستقيم ومدار هذه السورة الكريمة على بيان ذلك أتم بيان اه‍.
ويعلم منه وجه اختصاص الحشر بما ذكر في كلام الحجة فلا وجه لقول البعض في الاعتراض عليه فلا وجه الخ، وسيأتي إن شاء الله تعالى آخر الكلام في تفسير السورة الإشارة إلى ما اشتملت عليه من أمهات علم الأصول والمسائل المعتبرة بين الفحول وتقريرها إياها بأبلغ وجه وأتمه، ولعل هذا هو السر في الأمر الوارد في صحيح الأخبار بقراءتها على الموتى أي المختصرين، وتسمى أيضا العظيمة عند الله تعالى.
أخرج أبو نصر السجزي في الإبانة وحسنه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله تعالى ويدعى صاحبها الشريف عند الله تعالى يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر وهي سورة * (يس) * وذكر أنها تسمى أيضا المعمة والمدافعة القاضية.
أخرج سعيد بن منصور. والبيهقي عن حسان بن عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " سورة يس تدعى في التوراة المعمة تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة وتدفع عنه أهاويل الدنيا والآخرة، وتدعى المدافعة القاضية تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة " الخبر وتعقبه البيهقي فقال: تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان بن دفاع وهو منكر، وهي على ما أخرج ابن الضريس.، والنحاس. وابن مردويه. والبيهقي عن ابن عباس مكية، واستثنى منها بعضهم قوله تعالى: * (إنا نحن نحيي الموتى " الآية مدعيا أنها نزلت بالمدينة لما أراد بنو سلمة النقلة إلى قرب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا في ناحية المدينة فقال عليه الصلاة والسلام " إن آثاركم تكتب " فلم ينتقلوا، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما قيل في ذلك وقوله سبحانه: * (وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله) * (يس: 47) الآية لأنها نزلت في المنافقين فتكون مدنية.
وتعقب بأنه لا صحة له، وآيها ثلاث وثمانون آية في الكوفى واثنتان وثمانون في غيره، وجاء مما يشهد بفضلها وعلو شأنها عدة أخبار وآثار وقد مر آنفا بعض ذلك، وصح من حديث معقل بن يسار لا يقرؤها عبد يريد الله تعالى والدار الآخرة الا غفر له ما تقدم من ذنبه.
وأخرج الترمذي. والدارمي من حديث أنس " من قرأ يس كتب الله تعالى له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات " ولا يلزم من هذا تفضيل الشيء على نفسه إذ المراد بقراءة القرآن قراءته دون يس، وقال الخفاجي: لا يلزم ذلك إذ يكفي في صحة التفضيل المذكور التغاير الاعتباري فإن يس من حيث تلاوتها فردة غير كونها
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»