أن يعاملوا بهذا هذه المعاملة ولا يخرجوا من النار، وقرأ جناح بن حبيش * (عالم) * بالتنوين * (غيب) * بالنصب على المفعولية لعالم * (إنه عليم بذات الصدور) * قيل إنه تعليل لما قبله لأنه تعالى إذا علم مضمرات الصدور وهي أخفى ما يكون كان عز وجل أعلم بغيرها، وفيه نوع خفاء، وقال الإمام: إن قوله تعالى: * (إن الله) * الخ تقرير لدوامهم في العذاب مع أنهم ما كفروا إلا أياما معدودة فكأن سائلا يسأل عن وجه ذلك فقيل: إن الله تعالى لا يخفى عليه غيب السماوات والأرض فلا يخفى عليه ما في الصدور فكان يعلم سبحانه من الكافر أن الكفر قد تمكن في قلبه بحيث لو دام إلى الأبد لما أطاع الله تعالى ولا عبده انتهى، وظاهره أن الجملة الأولى تعليل للثانية على عكس ما قيل، ويمكن أن يقال: قوله تعالى: * (فما للظالمين من نصير) * متضمن نفي أن يكون لهم نصير على سبيل الاستمرار ومستدع خلودهم في العذاب فكان مظنة أن يقال كيف ينفي ذلك على سبيل الاستمرار والعادة في الشاهد قاضية بوجود نصير لمن تطول أيام عذابه فأجيب بأن الله عالم غيب السماوات والأرض على معنى أنه تعالى محيط بالأشياء علما فلو كان لهم نصير في وقت من الأوقات لعلمه ولما نفى ذلك على سبيل الاستمرار، وكذا مظنة أن يقال: كيف يخلدون في العذاب وهم قد ظلموا في أيام معدودة؟ فأجيب بأنه عليم بذات الصدور على معنى أنه تعالى يعلم ما انطوت عليه ضمائرهم فيعلم أنهم صمموا على ما هم فيه من الضلال والكفر إلى الأبد فكل من الجملتين مستأنف استئنافا بيانيا فتأمل.
* (هو الذى جعلكم خلائف فى الارض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا) *.
* (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض) * ملقى إليكم مقاليد التصرف وانتفاع بما فيها أو جعلكم خلفاء ممن قبلكم من الأمم وأورثكم ما بأيديكم من متاع الدنيا لتشكروه بالتوحيد والطاعة أو جعلكم بدل من كان قبلكم من الأمم الذين كذبوا الرسل فهلكوا فلم تتعظوا بحالهم وما حل بهم من الهلاكح، والخطاب قيل عام، واستظهره في البحر، وقيل: لأهل مكة، والخلائف جمع خليفة وقد اطرد جمع فعيلة على فعائل وأما الخلفاء فجمع خليف ككريم وكرماء، وجوز الواحدي كونه جمع خليفة أيضا وهو خلاف المشهور * (فمن كفر) * منكم مثل هذه النعمة السنية وغمطها أو فمن استمر على الكفر وترك الايمان بعد أن لطف به وجعل له ما ينبهه على ما يترتب على ذلك * (فعليه كفره) * أي وبال كفره وجزاؤه لا على غيره.
* (ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا) * أشد الاحتقار والبغض والغضب. * (ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا) * في الآخرة، وجملة * (ولا يزيد) * الخ بيان وتفسير لقوله سبحانه: * (فعليه كفره) * ولزيادة تفصيله نزل منزلة المغاير له ولولا ذلك لفصل عنه، والتكرير لزيادة التقرير والتنبيه على أن اقتضاء الكفر لكل واحد واحد من الأمرين الأمرين المقت والخسارة مستقل باقتضاء قبحه ووجود التجنب عنه بمعنى أنه لو لم يكن الكفر مستوجبا لشيء سوى مقت الله تعالى لكفى ذلك في قبحه وكذا لو لم يستوجب شيئا سوى الخسار لكفى.
* (قل أرءيتم شركآءكم الذين تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الارض أم لهم شرك فى السماوات أم ءاتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا) *.
* (قل) * تبكيتا لهم * (أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله) * أي آلهتكم، والإضافة إليهم لأدنى ملابسة حيث أنهم هم الذين جعلوهم شركاء الله تعالى واعتقدوهم كذلك من غير أن يكون له أصل ما أصلا.
وقيل: الإضافة حقيقية من حيث أنهم جعلوهم شركاء لأنفسهم فيما يملكونه أوجعلهم الله تعالى شركاء لهم في النار كما قال سبحانه * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) * (الأنبياء: 98) والصفة عليهما مقيدة لا مؤكدة، وسياق النظم الكريم وسباقه ظاهران فيما تقدم * (أروني ماذا خلقوا من الأرض) * بدل اشتمال من * (أرأيتم) * لأنه بمعنى