تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ٢٠٠
وفواضل وليس من الفضل الذي هو التفضل لأن الثواب بمنزلة الأجر المستحق والتفضل كالتبرع وفيه من الاعتزال ما فيه * (لا يمسنا فيها نصب) * أي تعب * (ولا يمسنا فيها لغوب) * كلال وفتور وهو نتيجة النصب، وضمه إليه وتكرير الفعل المنفي للمبالغة في بيان انتفاء كل منهما كذا قال جمع من الأجلة، وقال بعضهم: النصب التعب الجسماني واللغوب التعب النفساني.
وأخرج ابن جرير عن قتادة أنه فسر النصب بالوجع والكلام من باب: لا ترى الضب بها ينجحر والجملة حال من أحد مفعولي أحل. وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه. والسلمي * (لغوب) * بفتح اللام، قال الفراء: هو ما يغب به كالفطور والسحور، وجاز أن يكون صفة لمصدر محذوف أي لا يمسنا فيها لغوب لغوب نحو شعر شاعر كأنه وصف اللغوب بأنه قد لغب أي أعيى وتعب.
وقال " صاحب اللوامح " يجوز أن يكون مصدرا كالقبور وإن شئت جعلته صفة لمضمر أي أمر لغوب.
* (والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزى كل كفور) *.
* (والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم) * أي لا يحكم عليهم بموت ثان * (فيموتوا) * ليستريحوا بذلك من عذابها بالكلية وإنما فسر لا يقضي بما ذكر دون لا يموتون لئلا يلغوا فيموتوا ويحتاج إلى تأويله بيستريحوا.
ونصب يموتوا في جواب النفي بإضمار أن والمراد انتفاء المسبب لانتفاء السبب أي ما يكون حكم بالموت فكيف يكون الموت. وقرأ عيسى. والحسن * (فيموتون) * بالنون عطفا كما قال أبو عثمان المازني على * (يقضي) * كقوله تعالى: * (لا يؤذن لهم فيعتذرون) * (المرسلات: 36) أي لا يقضي عليهم ولا يموتون * (ولا يخفف عنهم من عذابها) * المعهود لهم بل كلما خبت زيد إسعارها، والمراد دوام العذاب فلا ينافي تعذيبهم بالزمهرير ونحوه، ونائب فاعل يخفف * (عنهم) * ومن عذابها في موضع نصب ويجوز العكس، وجوز أن تكون من زائدة فيتعين رفع مجرورها على أنه النائب عن الفاعل على ما قال أبو البقاء. وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو * (ولا يخفف) * بإسكان الفاء شبه المنفصل بالمتصل كقوله: فاليوم أشرب غير مستحقب * (كذلك) * أي مثل ذلك الجزاء الفظيع * (نجزي كل كفور) * مبالغ في الكفر أو الكفران لا جزاء أخف وأدنى منه.
وقرأ أبو عمرو. وأبو حاتم عن نافع * (يجزي) * بالياء مبنيا للمفعول و * (كل) * بالرفع على النيابة عن الفاعل وقرىء * (نجازي) * بنون مضمومة وألف بعد الجيم.
* (وهم يصطرخون فيها ربنآ أخرجنا نعمل ص‍الحا غير الذى كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجآءكم النذير فذوقوا فما للظ‍المين من نصير) *.
* (وهم يصطرخون فيها) * افتعال من الصراخ وهو شدة الصياح والأصل يصترخون فأبدلت التاء طاء ويستعمل كثيرا في الاستغاثة لأن المستغيث يصيح غالبا، وبه فسره هنا قتادة فقال: يستغيثون فيها، واسغاثتهم بالله عز وجل بدليل ما بعده وقيل ببعضهم لحيرتهم وليس بذاك.
* (ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل) * بإضمار القول أي ويقولون بالعطف أو يقولون بدونه على أنه تفسير لما قبله أو قائلين على أنه حال من ضميرهم، وتقييد العمل الصالح بالوصف المذكور للتحسر على ما عملوه من غير الصالح مع الاعتراف به والإشعار بأن استخراجهم لتلافيه فهو وصف مؤكد ولأنهم كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعا فكأنهم قالوا: نعمل صالحا غير الذي كنا نحسبه صالحا فنعمله فالوصف مقيد.
وذكر أبو البقاء * (أن صالحا. وغير الذي) * يجوز أن يكونا صفتين لمصدر محذوف أو لمفعول محذوف وأن يكون * (صالحا) * نعتا لمصدر و * (غير الذي) * مفعول * (نعمل) * وأيا ما كان فالمراد أخرجنا من النار وردنا إلى الدنيا نعمل
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»