تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ١٨١
اقتضت ترك الواو في قوله سبحانه: * (لتبتغوا من فضله) * أي من فضل الله تعالى بالنقلة فيها وهو سبحانه وإن لم يجر له ذكر في الآية فقد جرى له تاعلى ذكر فيما قبلها ولو لم يجر لم يشكل لدلالة المعنى عليه عز شأنه.
واللام متعلقة بمواخر، وجوز تعلقها بمحذوف دل عليه الأفعال المذكرة كسخر البحرين وهيأهما أو فعل ذلك * (لتبتغوا من فضله * (ولعلكم تشكرون) * تعرفون حقوقه تعالى فتقومون بطاعته عز وجل وتوحيده سبحانه.
ولعل للتعليل على ما عليه جمع من الأجلة وقد قدمنا ذلك، وقال كثير: هي للترجي ولما كان محالا عليه تعالى كان المراد اقتضاء ما ذكر من النعم للشكر حتى كأن كل أحد يترجاه من المنعم عليه بها فهو تمثيل يؤل إلى أمره تاعلى بالشكر للمخاطبين.
* (يولج اليل فى النهار ويولج النهار فى اليل وسخر الشمس والقمر كل يجرى لاجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير) *.
* (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) * بزيادة أحدهما ونقص الآخر بإضافة بعض أجزاء كل منهما إلى الآخر * (وسخر الشمس والقمر) * عطف على * (يولج) * واختلافهما صيغة لما أن إيلاج أحد الملوين في الآخر متجدد حينا فحينا وأما تسخير النيرين فأمر لا تعدد فيه وإنما المتعدد والمتجدد آثاره، وقد أشير إليه بقوله تعالى: * (كل) * من الشمس والقمر * (يجري) * أي بحسب حركته على المدارات اليومية المتعددة حسب تعدد أيام السنة أو بحسب حركتيه الخاصة وهي من المغرب إلى المشرق والقسرية التي هي من المشرق إلى المغرب جريانا مستمرا * (لأجل مسمى) * قدره الله تعالى لجريانهما وهو يوم القيامة كما روي عن الحسن.
وقيل جريانهما عبارة عن حركتيهما الخاصتين بهما والأجل المسمى عبارة عن مجموع مدة دورتيهما أو منتهاها وهي للشمس سنة وللقمر شهر وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلا * (ذلكم) * إشارة إلى فاعل الأفاعيل المذكورة، وما فيه من معنى البعد للإيذان بغاية العظمة وهو مبتدأ وما بعده أخبار مترادفة أي ذلكم العظيم الشأن الذي أبدع هذه الصنائع البديعة * (الله ربكم له الملك) * وفيه من الدلالة على أن إبداعه تعالى لتلك البدائع مما يوجب ثبوت تلك الأخبار له تعالى، وفي الكشاف ويجوز في حكم الأعراب إيقاع اسم الله تعالى صفة لاسم الإشارة أو عطف بيان و * (بكم) * خبرا لولا أن المعنى يأباه اه‍.
قال في الكشف: فيه نظر لأن الاسم الجليل جار مجرى العلم فلا يجوز أن يقع وصفا لاسم الإشارة البتة لا لفظا ولا معنى، وكأنه فرض على تقدير عدم الغلبة، أما إباء المعنى على تقدير تجويز الوصف فقد قيل: إن المقصود أنه تعالى المنفرد بالإلهية لا أن المنفرد بالالهية هو ربكم لأن المشركين ما كانوا معترفين بالمنفرد على الاطلاق. وأما عطف البيان فقيل لأنه يوهم تخييل الشرك ألا ترى أنك إذا قلت ذلك الرجل سيدك عندي ففيه نوع شركة لأن ذا اسم مبهم، وكأنه أراد أن البيان حيث يذهب الوهم إلى غيره ويحتمل الشركة مناسب لا في مثل هذا المقام، وأفاد الطيبي أن ذلك يشار به إلى ما سبق للدلالة على جدارة ما بعده بسبب الأوصاف السابقة ولو كان وصفا أو بيانا لكان المشاء إليه ما بعده، وهذا في الأول حسن دون الثاني اللهم إلا أن يكون قوله: أو عطف بيان إشارة إلى المذهب الذي يجعل الجنس الجاري على المبهم غير وصف فيكون حكمه حكم الوصف إذ ذاك، وبعد أن تبين أن المقام للإشارة إلى السابق فاسم الإشارة قد يجاء به لأغراض آخر اه‍.
وأبو حيان: منع صحة الوصفية للعلمية ثم قال لا يظهر إباء المعنى ذلك، ويجوز أن يكون قوله تعالى: * (له الملك) *
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»