نقله وهو سبحانه غني عنكم وعن عبادتكم لأنه تعالى حميد له عباد يحمدونه وإن لم تحمدوه أنتم والأولى التعميم.
وما روي في سبب النزول من أنه لما كثر من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء وكثر الاصرار من الكفار قالوا لعل الله تعالى محتاج لعبادتنا فنزلت لا يقتضي شيئا من التخصيص في الآية كما لا يخفى.
* (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد) *.
* (إن يشأ يذهبكم) * أي إن يشأ سبحانه إذهابكم أيها الناس والاتيان بخلق جديد يذهبكم * (ويأت بخلق جديد) * بعالم غير الناس لا تعرفونه هذا إذا كان الخطاب عاما أو إن يشأ يذهبكم أيها المشركون أو العرب ويأت بخلق جديد ليسوا على صفتكم بل مستمرون على طاعته وتوحيده، وهذا إذا كان الخطاب خاصا، وتفسير الجديد بما سمعت مروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ويا ما كان فالجلمة تقرير لاستغنائه عز وجل.
* (وما ذلك على الله بعزيز) *.
* (وما ذالك) * أي ما ذكر من إهابهم والاتبيان بخلق جديد * (على الله بعزيز) * أي يصعب فإن أمره تعالى إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
وإن كان في الناس تغليب الحاضر على الغائب وأولى العلم على غيرهم وكان الخطاب هنا على ذلك الطرز وقلنا إن الآية تشعر بأن ما يأتي به سبحانه من العالم أبدع أشكل بحسب الظاهر قول حجة الإسلام ليس في الإمكان أبدع مما كان. وأجيب بأن ذلك على فرض وقوعه داخل في حيز ما كان وهو مع هذا العالم كبعض أجزاء هذا العالم مع بعض أو بأن الأبدعية المشعور بها بمعنى والأبدعية في كلام حجة الإسلام بمعنى آخر فتدبر.
* (ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شىء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلواة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير) *.
* (ولا تزر وازرة) * أي لا تحمل نفس آثمة * (وزر أخرى) * أي اثم نفس أخرى بل تحمل كل نفس وزرها.
ولا منافاة بين هذا وقوله تعالى في سورة العنكبوت * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) * (العنكبوت: 13) فإنه في الضالين المضلين وهم يحملون اثم اضلالهم مع اثم ضلالهم وكل ذلك آثامهم ليس فيها شيء من آثام غيرهم، ولا ينافيه قوله سبحانه * (مع أثقالهم) * لأن المراد بأثقالهم ما كان بمباشرتهم وبما معها ما كان بسوقهم وتسببهم فهو للمضلين من وجه وللآخرين من آخر * (وان تدع مثقلة) * أي نفس أثقلتها الاوزار * (إلى حملها) * لالذي أثقلها ووزرها الذي بهضها ليحمل شيء منه ويخفف عنها، وقيل: أي إلى حمل حملها * (لا يحمل منه شيء) * لم تجب بحمل شيء منه، والظاهر أن * (ولا تزر) * الخ نفى للحمل الاختياري تكرما من نفس الحامل ردا لقول المضلين * (ولنحمل خطاياكم) * (العنكبوت: 12) ويؤيده سبب النزول فقد روي أن الوليد بن المغيرة قال لقوم من المؤمنين اكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى وزركم فنزلت.
وهذا نفى للحمل بعد الطلب من الوازرة أعم من أن يكون اختيارا أو جبرا وإذا لم يجبر أحد على الحمل بعد الطلب والاستعانة علم عدم الجبر بدونه بالطريق الأولى فيعم النفي أقسام الحمل كلها، وكذا الحامل أعم من أن يكون وازرا أم لا، وجاء العموم من عدم ذكر المدعو ظاهرا، وقد يقال مع ذلك: إن في الأولى نفي حمل جميع الوزر بحيث يتعرى منه المحمول عنه، وفي الثاني نفي التخفيف فلا اتحاد بين مضموني الجملتين كما لا يخفى، وقيل في الفرق بينهما: إن أول نفي الحمل إجبارا والثاني نفي له اختيارا، وتعقب بأن المناسب على هذا ولا يوزر على وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها أحدا لا يحمل منه شيئا، وأيضا حق نفي الاجبار أن يتعرض له بعد نفي الاختيار، وقيل: أن الجملة الأولى كما دلت على أن المثقل بالذنوب لا يحمل أحد من ذنوبه شيئا دلت على عدله تعالى الكامل، والجملة الثانية دلت على أنه لا مستغاث من هول ذلك اليوم أيضا وهما المقصودان من الآيتين