ضعيف مردود يقتضي القول بالأجلين كما ذهبت إليه المعتزلة ليس بشيء، ومن العجيب قول ابن كمال: النظر الدقيق يحكم بصحة أن المعمر أي الذي قدر له عمر طويل يجوز أن يبلغ ذلك العمر وأن لا يبلغ فيزيد عمره على الأول وينقص على الثاني ومع ذلك لا يلزم التغيير في التقدير لأن المقدر في كل شخص هو الأنفاس المعدودة لا الأيام المحدودة والأعوام الممدودة ثم قال: فافهم هذا السر العجيب وكتب في الهامش حتى ينكشف لك سر اختيار حبس النفس ويتضح وجه صحة قوله عليه الصلاة والسلام: " إن الصدقة والصلة تعمران الديار وتزيدان في الأعمار " اه. وتعقبه الشهاب الخفاجي بأنه مما لا يعول عليه عاقل ولم يقل به أحد غير بعض جهلة الهنود مع أنه مخالف لما ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم. والنسائي. وابن أبي شيبة. وأبو الشيخ عن عبد الله بن مسعود من قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة وقد قالت: اللهم امتعني بزوجي النبي صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية، سألت الله تعالى لآجال مضروبة وأيام معدودة الحديث وأطال الجلبي في رده وهو غني عنه اه.
وقال بعضهم: يجوز أن لا يبلغ من قدر له عمر طويل ما قدر له بأن يغير ما قدر أولا بتقدير آخر ولا حجر على الله تعالى، ويشير إلى ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث التراويح " خشيت أن تفرض عليكم " وقوله صلى الله عليه وسلم في دعاء القنوت " وقنى شر ما قضيت " وخوفه عليه من الله تعالى آلاف آلاف صلاة وسلام من قيام الساعة إذا اشتدت الريح مع إخباره بأن بين يديها خروج المهدي والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها إلى غير ذلك مما لم يحدث بعد، وغاية ما يلزم من ذلك تغير المعلوم ولا يلزم منه تغير العلم على ما بين في موضعه وعلى هذا لا إشكال في خبر " الصدقة تزيد في العمر " ويتضح أمر فائدة الدعاء، وما يحكي عن بعضهم من نفي القضاء المبرم يرجع إليه، وقد رأيت كراسة لبعض الأفاضل أطال الكلام فيها لتشييد هذا القول وتثبيت أركانه، والحق عندي أن ما في العلم الأزلي المتعلق بالأشياء على ما هي عليه في نفس الأمر لا يتغير ويجب أن يقع كما علم وإلا يلزم الانقلاب، وما يتبادر منه خلاف ذلك إذا صح مؤول، وخبر " الصدقة تزيد في العمر " قيل إنه خبر آحاد فلا يعارض القطعيات، وقيل المراد أن الصدقة وكذا غيرها من الطاعات تزيد فيما هو المقصود الأهم من العمر وهو اكتساب الخير والكمال والبركة التي بها بها تستكمل النفوس الإنسانية فتفوز بالسعادة الأبدية، والدعاء حكمه حكم سائر الأسباب من الأكل والشرب والتحفظ من شدة الحر والبرد مثلا ففائدته كفائدتها، وقيل هو لمجرد إظهار الاحتياج والعبودية فليتدبر.
وقيل الضمير للمعمر والنقص لغيره أي ولا ينقص من عمر المعمر لغيره بأن يعطى له عمر ناقص من عمره، وقيل الضمير للمنقوص من عمره وهو وإن لم يصرح به في حكم المذكور كما قيل: وبضدها تتبين الأشياء فيكون عائدا على ما علم من السياق أي ولا ينقص من عمر المنقوص من عمره بجعله ناقصا.
وقرأ الحسن. وابن سيرين. وعيسى * (ولا ينقص) * بالبناء للفاعل وفاعله ضمير المعمر أو * (عمره) * و * (من) * زائدة في الفاعل وإن كان متعديا جاز كونه ضمير الله تعالى. وقرأ الأعرج * (من عمره) * بسكون الميم * (إلا في كتاب) * عن ابن عباس هو اللوح المحفوظ، وجوز أن يراد به صحيفة الإنسان فقد أخرج ابن المنذر. وابن أبي حاتم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو بخمس وأربعين ليلة فيقول يا رب أشقي أم سعيد أذكر أم أنثى فيقول الله تعالى ويكتب ثم يكتب عمله