تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ١٤٩
أو رفع على أنه مبتدأ ما بعده خبره أو خبره مقدر أي لكن من آمن وعمل صالحا فإيمانه وعمل يقربانه.
واستظهر أبو حيان الانقطاع، وقال في " البحر " إن الزجاج ذهب إلى بدليته من المفعول المذكور وغلطه النحاس بأن ضمير المخاطب لا يجوز الإبدال منه فلا يقال رأيتك زيدا، ومذاهب الأخفش. والكوفيين أنه يجوز أن يبدل من ضميري المخاطب والمتكلم لكن البدل في الآية لا يصح ألا ترى أنه لا يصح تفريغ الفعل الواقع صلة لما بعد إلا فلو قلت ما زيد بالذي يضرب إلا خالدا لم يصح اه‍.
وذكر بعض الأجلة أن جعله استثناء من المفعول لا يصح على جعل التي كناية عن التقوى لأنه يلزم أن تكون الأموال والأولاد تقوى في حق غير من آمن وعمل صالحا لكنها غير مقربة، وقيل لا بأس بذلك إذ يصح أن يقال وما أموالكم ولا أولادكم بتقوى إلا المؤمنين، وحاصله أن المال والولد لا يكونان تقوى ومقربين لأحد إلا للمؤمنين، وإذا كان الاستثناء منقطعا صح واتضح ذلك، وجوز أن يكون استثناء من * (أموالكم وأولادكم) * على حذف مضاف أي إلا أموال من آمن وعمل صالحا وأولادهم، وفي هذا إذا جعل التي كناية عن التقوى مبالغة من حيث أنه جعل مال المؤمن الصالح وولده نفس التقوى. ثم إن تقريب الأموال المؤمن الصالح بانفاقها فيما يرضى الله تعالى وتقريب الأولاد بتعليمهم الخير وتفقيههم في الدين وترشيحهم للصلاح والطاعة.
* (فأولائك) * إشارة إلى من والجمع باعتبار معناها كما أن الأفراد فيما تقدم باعتبار لفظها، وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل أي فأولئك المنعوتون بالايمان والعمل الصالح * (لهم جزاء الضعف) * أي لهم أن يجازيهم الله تعالى الضعف أي الثواب المضاعف فيجازيهم على الحسنة بعشر أمثالها أو بأكثر إلى سبعمائة فإضافة جزاء إلى الضعف من إضافة المصدر إلى مفعوله. وقرأ قتادة: * (جزاء الضعف) * برفعهما فالضعف بدل، وجوز الزجاج كونه خبر مبتدأ محذوف أي هو الضعف. ويعقوب في رواية بنصب * (جزاء) * ورفع * (الضعف) * فجزاء تمييز أو حال من فاعل * (لهم) * أي يجزون جزاء، وقرىء * (جزاء) * بالرفع والتنوين * (الضعف) * بالنصب على أعمال المصدر * (بما عملوا) * من الصالحات * (وهم في الغرفات) * أي في غرفات الجنة ومنازلها العالية * (ءامنون) * من جميع المكارم الدنيوية والأخروية. وقرأ الحسن. وعاصم بخلاف عنه. والأعمش. ومحمد بن كعب * (في الغرفات) * بإسكان الراء، وقرأ بعض القراء بفتحها، وابن وثاب. والأعمش. وطلحة. وحمزة وخلف * (في الغرفة) * بالتوحيد وإسكان الراء، وابن وثاب أيضا بالتوحيد وضم الراء والتوحيد على إرادة الجنس لأن الكل ليسوا في غرفة واحدة والمفرد أخصر مع عدم اللبس فيه.
* (والذين يسعون فىءاي‍اتنا مع‍اجزين أول‍ائك فى العذاب محضرون) *.
* (والذين يسعون في آياتنا) * بالرد والطعن فيها * (معاجزين) * أي بحسب زعمهم الباطل الله عز وجل أو الأنبياء عليهم السلام، وحاصله زاعمين سبقهم وعدم قدرة الله تعالى أو أنبيائه عليهم السلام عليهم، ومعنى المفاعلة غير مقصود ههنا * (أولائك) * الذي بعدت منزلتهم في الشر * (في العذاب محضرون) * لا يجديهم ما عولوا عليه نفعا، وفي ذكر العذاب دون موضعه ما لا يخفى من المبالغة * (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له) * أي يوسعه سبحانه عليه تارة ويضيقه عليه أخرى فلا تخشوا الفقر وأنفقوا في سبيل الله تعالى وتقربوا لديه عز وجل بأموالكم
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»