ربنا ثم يفتح بيننا) * * (إن كنتم صادقين) * مخاطبين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به.
* (قل لكم ميعاد يوم لا تستاخرون عنه ساعة ولا تستقدمون) *.
* (قل لكم ميعاد يوم) * أو وعد يوم على أن * (ميعاد) * مصدر ميمي أو اسم أقيم مقام المصدر على ما نقل عن أبي عبيدة وهو بمعنى الموعود، وقيل: الكلام على تقدير مضاف أي لكم وقوع وعد يوم أو نجز وعد يوم، وتنوين يوم للتعظيم أي يوم عظيم، وجوز أن يكون الميعاد اسم زمان وإضافته إلى يوم * (للتبيين) * أي لبيان زمان الوعد بأنه يوم مخصوص نحو سحق ثوب وبعير سانية، وأيد الوجه الأول بوقوع الكلام جوابا لقولم * (متى هذا الوعد) * والوجه الثاني أنه قرىء * (ميعاد يوم) * برفعهما وتنوينهما فإن يوم على هذه القراءة بدل وذلك يقتضي أن الميعاد نفس اليوم، وكونه بدل اشتمال بعيد، وكذا ما قال أبو حيان من أنه على تقدير محذوف أي قل لكم ميعاد ميعاد يوم فلما حذف المضاف أعرب ما قام مقامه بإعرابه، وقرأ ابن أبي عبلة * (ميعاد) * بالرفع والتنوين * (يوما) * بالنصب والتنوين قال الزمخشري: وهو على التعظيم باضمار فعل تقديره لكم ميعاد أعني يوما من صفته كيت وكيت، ويجوز الرفع على هذا أيضا، وجوز أن يكون على الظرفية لميعاد على أنه مصدر بمعنى الموعود لا اسم زمان، وقال في البحر: يجوز أن يكون انتصابه على الظرف والعامل فيه مضاف محذوف أي إنجاز وعد يوما من صفته كيت وكيت. وقرأ عيسى * (ميعاد) * منونا * (يوم) * بالنصب من غير تنوين مضافا إلى الجملة ووجه النصب ما مر آنفا.
* (لا تستأخرون عنه ساعة) * إذا فاجأكم * (ولا تستقدمون) * أي عنه ساعة، والهاء على ما قال أبو البقاء يجوز أن تعود على * (ميعاد) * وإن تعود على * (يوم) * وعلى أيهما عادت كانت الجملة وصفا له. وفي الإرشاد هي صفة لازمة لميعاد، وفي الجواب على تقدير تقييد النفي بالمفاجأة من المبالغة في التهديد ما لا يخفى، ويجوز أن يكون النفي غير مقيد بذلك فيكون وصف الميعاد بما ذكر لتحقيق وتقديره، وقد تقدم الكلام في نظير هذه الجلمة فتذكر.
ولما كان سؤالهم عن الوقت على سبيل التعنت أجيبوا بالتهديد، وحاصله أنه لوحظ في الجواب المقصود من سؤالهم لا ما يعطيه ظاهر اللفظ وليس هذا من الأسلوب الحكيم فإن البليغ يلتفت لفت المعنى، وقال الطيبي: هو منه سألوا عن وقت إرساء الساعة وأجيبوا عن أحوالهم فيها فكأنه قيل: دعوا السؤال عن وقت ارسائها فإن كينونته لا بد منه بل سلوا عن أحوال أنفسكم حيث تكونون مبهوتين متحيرين فيها من هول ما تشهدون فهذا أليق بحالكم من أن تسألوا عنه وهو كما ترى، وقيل: إنه متضمن الجواب بأن ذلك اليوم لا يعلمه إلا الله عز وجل لمكان تنكير * (يوم) * وهو تعسف لا حاجة إليه. واختلف في هذا اليوم فقيل يوم القيامة وعليه كلام الطيبي، وقيل: يوم مجيء أجلهم وحضور منيتهم، وقيل: يوم بدر.
* (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهاذا القرءان ولا بالذى بين يديه ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين) *.
* (وقال الذين كفروا) * وهم مشركو العرب * (لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه) * أي من الكتب القديمة كما روي عن قتادة. والسدى. وابن جريج، ومرادهم نفي الإيمان بجميع ما يدل على البعث من الكتب السماوية المتضمنة لذكل؛ ويروى أن كفار مكة سألوا أهل الكتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبروهم أنهم يجدون صفته عليه الصلاة والسلام في كتبهم فأغضبهم ذلك فقالوا ما قالوا، وضعف بأنه ليس في السياق والسباق ما يدل عليه، وقيل الذي بين يديه القيامة.
وخطأ ابن عطية قائله بأن ما بين اليد في اللغة المتقدم. وتعقب بأنه قد يراد به ما مضى وقد يراد به ما سيأتي.
نعم يضعف ذلك أن ما بين يدي الشيء يكون من جنسه لكن محصل كلامهم على هذا أنهم لم يؤمنوا بالقرآن