تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ١٤١
أين يتوجه ففي الكلام استعارة مكنية أو تبعية. وفي قراءة أبي * (إنا أو إياكم أما على هدى أو في ضلال مبين) *.
* (قل لا تس‍الون عمآ أجرمنا ولا نس‍ال عما تعملون) *.
* (قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون) * هذا أبلغ في الإنصاف حيث عبر عن الهفوات التي لا يخلو عنها مؤمن بما يعبر به عن العظائم وأسند إلى النفس وعن العظائم من الكفر ونحوه بما يعبر به عن الهفوات وأسند للمخاطبين وزيادة على ذلك أنه ذكر الإجرام المنسوب إلى النفس بصيغة الماضي الدالة على التحقق وعن العمل المنسوب إلى الخصم بصيغة المضارع التي لا تدل على ذلك، وذكر أن في الآية تعريضا وأنه لا يضر بما ذكر، وزعم بعضهم أنها من باب المتاركة وأنها منسوخة بآية السيف.
* (قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم) *.
* (قل يجمع بيننا ربنا) * يوم القيامة عند الحشر والحساب * (ثم يفتح بيننا بالحق) * يقضي سبحانه بيننا ويفصل بعد ظهور رحال كل مناو منكم بالعدل بأن يدخل المحقين الجنة والمبطلين النار * (وهو الفتاح) * القاضي في القضايا المنغلقة فكيف بالواضحة كابطال الشرك وإحقاق التوحيد أو القاضي في كل قضية خفية كانت أو واضحة؛ والمبالغة على الأول في الكيف وعلى الثاني في الكم، ولعل الوجه الأول أولى، وفيه إشارة إلى وجه تسمية فصل الخصومات فتحا وانه في الأصل لتشبيه ما حكم فيه بأمر منغلق كما يشبه بأمر منعقد في قولهم: حلال المشكلات، وقرأ عيسى * (الفاتح) * * (العليم) * بما ينبغي أن يقضي به أو بكل شيء.
* (قل أرونى الذين ألحقتم به شركآء كلا بل هو الله العزيز الحكيم) *.
* (قل أروني الذين ألحقتم به شركاء) * استفسار عن شبهتهم بعد الزام الحجة عليهم زيادة في تبكيتهم، وأرى على ما استظهره أبو حيان بمعنى أعلم فتتعدى إلى ثلاثة مفاعيل ياء المتكلم والموصول و * (شركا) * وعائد الموصول محذوف أي ألحقتموهم، والمراد اعلموني بالحجة والدليل كيف وجه الشركة، وجوز كون رأى بصرية تعدت بالنقل لاثنين ياء المتكلم والموصول و * (شركاء) * حال من ضمير الموصول المحذوف أي ألحقتموهم متوهما شركتهم أو مفعول ثان لألحق لتضمينه معنى الجعل أو التسمية، والمراد أرونيهم لأنظر بأي صفة ألحقتموهم بالله عز وجل الذي ليس كمثله شيء في استحقاق العبادة أو ألحقتموهم به سبحانه جاعليهم أو مسميهم شركاء، والغرض إظهار خطئهم العظيم.
وقال بعض الأجلة: لم يرد من * (أروني) * حقيقته لأنه صلى الله عليه وسلم كان يراهم ويعلمهم فهو مجاز وتمثيل، والمعنى ما زعمتموه شريكا إذا برز للعيون وهو خشب وحجر تمت فضيحتكم، وهذا كما تقول للرجل الخسيس الأصل اذكر لي أباك الذي قايست به فلانا الشريف ولا تريد حقيقة الذكر وإنما تريد تبكيته وانه إن ذكر أباه افتضح.
* (كلا) * ردع لهم عن زعم الشركة بعد ما كسره بالإبطال كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام * (أف لكم ولما تعبدون من دون الله) * بعد ما حج قومه * (بل الله العزيز) * أي الموصوف بالغلبة القاهرة المستدعية لوجوب الوجود * (الحكيم) * الموصوف بالحكمة الباهرة المستدعية للعلم المحيط بالأشياء، وهؤلاء الملحقون عن الاتصاف بذلك في معزل وعن الحوم حول ما يقتضيه بألف ألف منزل، والضمير اما عائد لما في الذهن وما بعده وهو الله الواقع خبرا له يفسره و * (العزيز الحكيم) * صفتان للاسم الجليل أو عائد لربنا في قوله سبحانه: " يفتح بيننا ربنا " على ما قيل أو هو ضمير الشأن و * (الله) * مبتدأ و * (العزيز الحكيم) * خبره والجملة خبر ضمير الشأن لأن خبره لا يكون إلا جملة على الصحيح.
* (ومآ أرسلن‍اك إلا كآفة للناس بشيرا ونذيرا ول‍اكن أكثر الناس لا يعلمون) *.
* (وما أرسلناك إلا كافة للناس) * المتبادر أن * (كافة) * حال من الناس قدم مع إلا عليه للاهتمام
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»